حوار من طرف واحد

خيري منصور
التقصير الإعلامي العربي في تقديم قضايا عادلة أمام الرأي العام العالمي ليس طارئاً، فقد صاحب تلك القضايا وكان خطابه أقرب إلى المونولوج أو كمن يحدث نفسه، لهذا كان معظم هذا الخطاب ينتهي مفعوله عد الاستهلاك المحلي.
وما يعانيه العرب الآن من التطرف والإرهاب لا يقل عن أية قضية مصيرية؛ لأن الإرهاب يعوق التنمية ويغير قائمة الأولويات.
والسينما إحدى أهم الوسائل للدفاع عن الضحايا وإنصافهم حتى لو كان ذلك بعد فوات الأوان. لهذا تعد الأفلام التي حاولت توثيق أهم المشاهد في الحرب الفيتنامية حليفاً إعلامياً وأخلاقياً للضحايا، والفيلم الذي يشارك الآن في مهرجان برلين السينمائي، ويقدم ما يسمى تراجيديا أوسلو؛ حيث أدت عملية إرهابية إلى قتل سبعة وسبعين إنساناً من الأبرياء عام 2011 يدفعنا إلى التساؤل عن دور الفن السابع في عالمنا العربي في هذه الحرب التي أصبحت كونية. فالإرهاب عبر الحدود والقارات والثقافات أيضاً، لهذا فإن مقاومته لا تقتصر على البعد الأمني رغم أهميته، وأي استخفاف بدور الثقافة في تجفيف مستنقعات التطرف يفتضح قصوراً في الوعي، والسينما العربية التي تجاوز عمرها القرن، لديها من الإمكانات الفنية والبشرية ما يؤهلها للإسهام في الحرب ضد الإرهاب، توثيقاً ورصداً لتراجيديات لا تقل في مأساويتها عن مذبحة أوسلو!
وحين نلح على التقصير الإعلامي العربي، فذلك لأن أدواته التقليدية ومناهجه بحاجة إلى تطوير وتحديث؛ لأن الإرهاب وثقافته السوداء لم يعودا كما كانا قبل عقود!
والدليل المتكرر هو توظيف التكنولوجيا لإنجاز جرائم ضد الإنسانية، وشعار تجفيف منابع الإرهاب لا يقتصر على التمويل المادي أو القوة فقط؛ لأن منابع التطرف ثقافية ويتطلب تجفيفها، ثقافة مضادة، تبشر بالحياة والتعايش.
وإذا تحقق التحالف بين الفنون والآداب والتوعية ضد التطرف فإن ذلك يؤدي بالضرورة إلى افتضاح دوافعه، وما يدعيه من حقوق يراد بها أباطيل!
وحين يكون الخطاب الإعلامي موجهاً للآخر فلا بد من إجادة فهم ثقافته واستخدام لغته، وبعكس ذلك يبقى الحوار من طرف واحد!