مقالات عامة

مصر والسودان.. أزلية العلاقات

فتح العليم الفكي

تتسم العلاقات المصرية – السودانية منذ قديم الزمان بالعمق والخصوصية والروابط التاريخية الأزلية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين اللذين خاضا معاً معارك الكفاح والنضال من أجل التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار.
ومنذ أن نال السودان استقلاله في الأول من يناير/ كانون الثاني 1956 كانت مصر سنداً وعوناً له، وفي المقابل خاض جيل الاستقلال مع مصر كل معاركها ومثل السودان عمقاً استراتيجياً لمصر، وظلت رؤى البلدين متطابقة تجاه كافة قضايا المنطقة والعالم.
ولم تشهد العلاقات بين البلدين أية هزات، ولم يحدث ما يعكر صفوها باستثناء الخلاف الذي طرأ في حقبة رئيس الوزراء عبد الله خليل حول منطقة حلايب وسرعان ما تم حله وتداركه ولم يؤثر في مسيرة العلاقات.
خلال الشهرين الماضيين حاولت جماعة «الإخوان» الإرهابية التي ظلت تقف وراء معظم الخلافات التي تشهدها المنطقة العربية، أن تعمل بشتى السبل لضرب العلاقات الراسخة والمتجذرة بين الشعبين المصري والسوداني مستغلة في ذلك بعض وسائل الإعلام المنفلتة في البلدين للعزف على وتر الخلاف بين القاهرة والخرطوم في عدة ملفات أهمها: سد النهضة وتبعية مثلث حلايب وشلاتين الحدودي، وأوعزت لهذه الوسائل الإعلامية بالنفخ في هذه الخلافات والإيحاء كأن حرباً وشيكة ستندلع بين البلدين خاصة بعد سحب الخرطوم لسفيرها من القاهرة.
وكشفت الاجتماعات الثلاثة التي احتضنتها أديس أبابا على هامش قمة الاتحاد الإفريقي الثلاثين بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وعمر البشير، ثم الاجتماع الرباعي الذي استضافته القاهرة أن العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين أكبر من أي خلاف ومن أي حزب أو جماعة سياسية مهما كان حجمها وتأثيرها.
لقد أقرت خريطة الطريق التي تم التوقيع عليها في الاجتماع الرباعي بين وزيري خارجية البلدين سامح شكري وإبراهيم غندور ورئيسي جهازي المخابرات في البلدين يوم الخميس الماضي 11بنداً، مثل: العمل على تعزيز المصالح المشتركة واحترام الشؤون الداخلية واستشراف آفاق أرحب للتعاون المستقبلي بين البلدين، كما أقرت أهمية تطوير التعاون والتنسيق المشترك بين البلدين في مجالات مياه النيل في إطار التزامهما بالاتفاقات الموقعة بينهما بما في ذلك اتفاقية مياه النيل عام 1959.
وسبرت خريطة الطريق لب الخلاف الذي بدأ بالتراشق الإعلامي فأقرت أهمية تصحيح التناول الإعلامي للعلاقات الثنائية والعمل على احتواء ومنع التراشق ونقل الصورة الصحيحة للعلاقات الأزلية بين البلدين والعمل على إبرام ميثاق الشرف الإعلامي بينهما وأكدت دورية اجتماعات اللجنة الرباعية.
صفوة القول، إن خريطة الطريق التي تم التوصل إليها من شأنها أن تفوت الفرصة على جماعة «الإخوان» التي تريد الصيد في المياه العكرة، ولكن هيهات، فوعي الشعبين سيكون لها بالمرصاد.

alzahraapress@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى