مقالات عامة

«الأونروا» كأداة للضغط

يونس السيد

لم تكتف واشنطن بتقليص حجم مساعداتها المالية إلى «الأونروا»؛ (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، بأكثر من النصف، وإنما هددت بقطع مساعداتها نهائياً عن الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة إن لم يستجب الفلسطينيون لمطالبها بالعودة إلى طاولة المفاوضات، رغم القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب بشأن القدس.
الضغط من باب المساعدات الإنسانية، ومحاولة المس بحياة أكثر من 5,3 مليون لاجىء فلسطيني يعيشون داخل الأراضي الفلسطينية وفي دول الجوار، أصبح الوسيلة الممكنة لتركيع الفلسطينيين وإجبارهم على التخلي عن حقوقهم؛ بعد تحويل ال «الأونروا» إلى أداة للضغط في يد واشنطن والدول الممولة، وهي التي يفترض أن تكون حيادية، وارتبط اسمها منذ إنشائها عقب نكبة فلسطين بحق العودة للاجئين، والعمل على إعادتهم إلى ديارهم. آنذاك كانت الولايات المتحدة من أكثر المتحمسين للوكالة الدولية، وأخذت على عاتقها تمويل الجزء الأكبر من موازنتها، الذي وصل إلى أكثر من 350 مليون دولار سنوياً؛ لأنها كانت تراهن على توطين هؤلاء اللاجئين في الدول المجاورة؛ لكن فشل هذا الرهان وقدوم إدارة ترامب قلبا الأمور رأساً على عقب؛ حيث ارتأت هذه الإدارة توظيف «الوكالة الدولية في خدمة أهدافها والضغط على الفلسطينيين بعد رفضهم قرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل»، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وبخاصة بعد رفض الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار ترامب بهذا الخصوص».
صحيح أن مطلب تصفية «الأونروا» ظل على الدوام مطلباً «إسرائيلياً»، وكانت وراء محاولات عديدة سابقة في الكونجرس الأمريكي للعمل على إلغائها أو تقليص المساعدات الأمريكية، على الأقل؛ لكنها كانت تريد أن تتم هذه العملية بالتدريج، خوفاً من ردة الفعل الفلسطينية، وتحول اللاجئين إلى حمل السلاح والمقاومة، وهو هدف تشاركت معها فيه الإدارات الأمريكية السابقة، وزادت عليه الإدارة الحالية ما تسميه وقف عملية «توريث اللاجئ»، أي نفي صفة اللجوء عن الأبناء.
آخر المواقف المبتكرة في هذا المجال، ما ورد مؤخراً على لسان المتحدث باسم الوكالة في الأردن سامي مشعشع، من أن واشنطن مستعدة لإعادة مساهمتها في الوكالة الدولية باستثناء اللاجئين في سوريا ولبنان، وبشروط منها تغيير المناهج في مدارس الوكالة؛ بحيث لا يتم تدريس تاريخ القضية الفلسطينية، وكل ما له علاقة بحق العودة وإسقاط هوية القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، وإلغاء ما يخص المقاومة ضد الاحتلال، وحتى احتفالات الطلاب بأي مناسبة فلسطينية، مثل: «وعد بلفور» والنكبة والعدوان «الإسرائيلي»، دون أن تدرك واشنطن أن القضية الفلسطينية لم تبدأ مع إنشاء «الأونروا»، وأن الشعب الفلسطيني أثبت في كل مراحل نضاله أنه لا يستسلم للضغوط، ولا لقمع الاحتلال وجبروته، ولن يتخلى عن حقوقه المشروعة في أرضه ووطنه بما فيها القدس وحق العودة والحق في مقاومة الاحتلال.. حتى نيل حريته واستقلاله مهما طال الزمن..

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى