مقالات عامة

فوضى الإعلانات

شيخة الجابري

من أكياس بلاستيكية معلّقة على الأبواب، تزدحم بها بوابات منازلنا إلى رسائل نصية على مدار الساعة، واتصالات مزعجة دون احترام لوقت، أو عمل، أو عبادة، ينهمر علينا سيل إعلانات لا يتوقف، وكلما رنّ هاتف أو صاحت رسالة تحركت مشاعرنا معها متسائلين ربما المنزل، ربما صديق، ربما مقر عمل، وإذا به أحد الموظفين في شركة ما يطرح عليك خدمة جديدة، لم تسمع عنها أو عن خدماتها من قبل.
عند كل ذلك نتساءل وهذا حق لنا من أباح لتلك الشركات اختراق خصوصياتنا؟ من أعطاها الصلاحية وخولها أن تزحمنا وتزعجنا باتصالات لا نعرف عند ورودها من أين جاؤوا بأرقامنا التي لا يعرفها إلاّ المقربون منّا، والتي لا أظن لو أننا أبحناها للنشر قد تعرضنا لمثل هذه الهجمة الإعلانية الشرسة من أطباء، وشركات مقاولات، وشركات تنظيف، وحضانات، وصالونات تجميل، ومراكز إنقاص الوزن، وغير ذلك الكثير؟
في اتصال وردني أمس وأنا أستعد لصلاة العصر، سألت الفتاة التي تتحدث من وراء الهاتف بطريقة غريبة لتروّج لسلعة من سلعهم المضروبة من أين جئتم برقم هاتفي فقالت ربما من صديقة لك، قلتُ لها لا أعرف صديقة تعمل أو تهتم بالإنشاءات وتشييد العمارات وناطحات السحاب والأبراج، كل صديقاتي أو غالبيتهن على قلّتهن ممّن يحملن الكتب، ويتخذن من المكتبات مزارات دائمة لهن، أو ربّات منازل بهيّات ورائعات، حيث، بمناسبة علاقتي بهن واهتماماتنا المشتركة، لم يصلني إعلان واحد من مكتبة أو دار نشر أو حتى «بيّاع جرايد»؟
ويوم أمس أيضاً وصلتني رسالة تروّج لطبيبة خاصة وخدمة تقدمها لزبائنها من خلال قيامها بعمل تخفيض كبير في قيمة العمليات التي تجريها، وبعد قراءتي الرسالة النصيّة عنّ في خاطري سؤال عن الحد الذي تبيح فيه القوانين المنظمة للقطاع الصحي، أو قانون المطبوعات والنشر في الدولة عملية الترويج للأطباء وخدماتهم الطبية لناحية المصداقية في تقديم الخدمة وجودتها، وسلامة آثارها، وإن كان هناك قانون ينظم هذه العملية فكيف تسمح شركات الاتصال بالترويج لمثل هذه الخدمات وإزعاجنا بها ليل نهار.
إن ما يحدث في سوق الإعلانات أمر يحتاج إلى مراجعة، وتنظيم، وقوانين وتشريعات من المهم أن تحمي أفراد المجتمع، فلا تقض مضاجعهم، ولا تشوّش تفكيرهم، ولا تخدعهم، ولا تتجاوز حدود الأخلاقيات معهم، وأهمها احترام الوقت.

Qasaed21@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى