مقالات عامة

نوم أقل

د. حسن مدن

لا يحضرني الآن اسم الكاتب العربي الذي عدّ النوم شقيق الموت، مقترحاً أن نشطب عدد الساعات التي ننامها كل يوم من حياتنا لنضمها إلى موتنا، لأننا نكون، خلالها، أقرب إلى الموت منا إلى الحياة. وهي ساعات قد تبلغ ما يعادل ثلث أعمارنا أو أكثر، إذا ما لاحظنا أننا ننام كل يوم بين ثماني إلى عشر ساعات، ما يعني أننا قد ننام ما يعادل عشرين أو خمسة عشرين عاماً في حال افترضنا أن متوسط الأعمار يتراوح بين سبعين أو ثمانين عاماً.
يدرك هذا الكاتب، ولا شك، أننا لا نصبح أمواتاً حين ننام، ولكنه ينبهنا إلى الحقيقة العلمية التي فحواها أن ما يتبقى لنا من الحياة وقت النوم هو ذاك القليل من النشاط البيولوجي الذي يتسم به النبات، وهو يدرك أنه لا مفرّ لنا من النوم، كي نجدد نشاطنا ونستعيد ما استهلكناه من طاقة، ولكنه يحذرنا من النوم الطويل، فساعات النوم الفائضة عن الحاجة هي هدر لأوقات ثمينة يمكن أن نستفيد منها في الاستمتاع بما في الحياة من فسح جميلة، ولتعلم أشياء لا نعرفها واكتساب خبرات تضاف إلى ما لدينا.
ولو اقتطع الإنسان ساعة أو ساعتين من مجموع ساعات نومه اليومية، تعد في نطاق الفائض من النوم أو الزائد عن حاجة الجسم له، وأنفقها في القراءة مثلاً أو ممارسة الرياضة، أو الانشغال بهواية محببة إلى نفسه، لكان قد أضاف إلى عمره الفعلي، أي عمره وهو يقظ، ساعات إضافية كل أسبوع، يتضاعف عددها مع مرور الشهر، ويتضاعف مراراً بمرور سنة… الخ.
إن لم تخن الذاكرة، فإن هذا الكاتب كان يقارن بين عاداتنا نحن في الشرق وعادات الغربيين في العلاقة مع النوم، فهو قد لاحظ من واقع عيشه في أوروبا أن الناس هناك لا تعرف نظام القيلولة الشائع في بلداننا، وهي، على ما نعلم، قيلولة ممتدة تستغرق، في بعض الحالات على الأقل، ساعات، لا ساعة واحدة أو نصف ساعة، نكون خلالها في حال أشبه بالموات وفق رأي صاحبنا هذا، ومن المعيب، بالتالي، أن نعد هذه الساعات جزءاً من حياتنا الفعلية، من حيث هي حركة ونشاط وعمل.
من المؤكد أن للطقس الحار في بلداننا أثراً في ذلك، إذا ما قورن بالطقس البارد أو المعتدل في أوروبا، وهو أمر لا حيلة لنا فيه، ولكن مؤكد أيضاً أن للأمر علاقة بنظامنا الغذائي، فمن يستطيع أن يفلت من القيلولة بعد وجبة غداء دسمة، على شكل كبسة بسمك الهامور، أو منسف عامر بالطيبات أو كسكس مغاربي شهي، وما إليها من وجباتنا «الوطنية».
لن ندخل في المواعظ الصحية التي تعرفون، ولكن لا بأس من التفكير في أن الحياة بنومٍ أقل تكون أغنى.

madanbahrain@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى