مصر والإنجاز الكبير
صادق ناشر
الخطوات التي تخطوها مصر في إطار تجفيف منابع الإرهاب في سيناء وغيرها من المناطق المتأثرة بنشاط جماعات التطرف، تحقق الأهداف المرجوة منها، فقد تمكنت قوات الجيش من تحقيق إنجازات كبيرة في ملاحقة المتطرفين الذين يحتمون بمناطق بعيدة عن أعين الأمن والجيش، ويقومون بارتكاب جرائمهم في حق الشعب المصري وجيشه.
الحملة العسكرية الأخيرة التي بدأتها القوات المسلحة المصرية للتخلص من الجماعات الإرهابية وحشدت لها عدداً كبيراً من الجنود والمعدات، نجحت في مداهمة أوكارها التي تختبئ فيها، كما نجحت في القضاء على قيادات ورؤوس كبيرة تابعة لهذه الجماعات التي تمد خيوطها إلى بلدان مجاورة من بينها ليبيا.
قدر مصر أن تتحمل الأزمات التي تعصف بالعالم العربي، فمن المعروف أنها مستهدفة في كيانها العسكري والاقتصادي، وهذا الاستهداف ليس وليد اليوم، بل يمتد لعقود طويلة، وقد قدم أبناؤها الكثير من التضحيات وسالت دماؤهم في أكثر من بلد عربي دفاعاً عن حلم المواطن العربي بحياة أفضل.
اليوم تمر مصر بمنعطف لا يقل خطورة عن تلك الأخطار التي عاشتها خلال الحروب ضد «إسرائيل»، حيث كان كيان الدولة المصرية مهدداً، لكنها تمكنت من تجاوز الحروب التي تم شنها ضدها، سواء من قبل «إسرائيل» بمفردها أو من قبل تحالف دول تجلى في العدوان الثلاثي عام 1956، التي اشتركت فيه بريطانيا وفرنسا و«إسرائيل»، وكان الهدف من ذلك محاولة تركيع مصر والتخلي عن دورها القومي والعروبي في نصرة الشعوب العربية المستضعفة، التي كانت تتوق للحرية والحصول على الاستقلال بعد عقود من الاحتلال.
اليوم تبدو مصر في طريقها للتخلص من كابوس الإرهاب، الذي يريد العودة بها إلى عقود مضت، فخطر الإرهاب الداخلي من قبل الجماعات الإرهابية لا يقل خطراً عن العدوان الخارجي، بل إن خطره يبدو أكثر شدة، لأنه يتخفى تحت عباءة الدين ويتخذ من المجتمع ستاراً لممارسة أعماله الوحشية، والتي بدأت تتجسد في العمليات الإرهابية في أكثر من مكان، خاصة دور العبادة بهدف خلط الأوراق والتأثير في سمعة الدولة وهز صورتها أمام المجتمعين الداخلي والخارجي وإظهارها بمظهر غير القادر على حماية أمن الناس.
التحرك العسكري الكبير الذي تشهده مصر هذه الأيام لتقليم أظفار الإرهاب ونزع مخالبه بعد اتساع مخاطره على المجتمع، خطوة في الاتجاه الصحيح، لأن التهاون في محاربة التطرف من شأنه أن يعقد الأوضاع ويزيدها سوءاً، وتدارك الوضع اليوم أفضل من تأجيله إلى الغد، فالتحديات أمام الحكومة المصرية كبيرة وتحتاج إلى معالجة تنزع عوامل القلق التي تجتاح البلاد من استمرار تفشي ظاهرة العنف الذي بدأ يتخذ أشكالاً مختلفة بهدف ترويعهم.
المعركة ضد الإرهاب الذي تحاول بعض الدول تنشيطه في مصر، عبر التمويل المالي للجماعات المسلحة ودعمها إعلامياً، لن تكون بالطبع سهلة، لكنها ضرورية ولا رجعة عنها، لأن أضرارها لن تقتصر على المرحلة الحالية، بل ستتعداها لتمس ليس فقط مستقبل مصر، بل والوطن العربي بأكمله.
sadeqnasher8@gmail.com