مقالات عامة

عدم جدوى الغرامات ضد «جوجل»

ليونيد بيرشيدسكي*

على الرغم من الأحكام العديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على عملاق التكنولوجيا «جوجل»، خلال السنوات الماضية، كان آخرها فرض غرامة بلغت نحو 3 مليارات دولار العام الماضي، بسبب المخالفات العديدة التي ترتكبها الشركة، فإن الوضع يبدو أنه لم يتغير أبداً، وأن الغرامات والعقوبات التي فرضتها المفوضية لم تنعكس بشكل واضح على أرض الواقع، ولم تنعكس أيضاً على رضا المستخدمين، الذين كانوا في الأساس محور القضايا والغرامات. أما الآن فهنالك الكثير من الأسباب التي نتوقع استناداً إليها أن يتم التراخي بشكل إضافي في التعامل مع الشركة فيما يخص تعاطيها مع منتجي الهواتف الذكية، من حيث استخدام نظام الأندرويد، وما يتعلق بذلك من قضايا احتكار وتنافس غير عادل.
فقد كشف مراسل صحفي تفاصيل قضية قانونية قدمتها إحدى الجهات ضد مطور نظام أندرويد في العام 2013، وهي الدعوى التي تسيطر عليها بالكامل اثنتان من الشركات التكنولوجية الكبرى، وهما «أوراكل»، و«ناسبرز» التي تتخذ من جنوب إفريقيا مقراً لها، والتي تمتلك أسهماً في العملاق الصيني «تنسنت» وعدد من الشركات العالمية الأخرى، وقد كانت مايكروسوفت أيضاً جزءاً من تلك الدعوى وقت رفعها، بالنظر إلى أنها كانت تمتلك جزءاً من «فيرسيرش»، التي رفعت الدعوى القانونية. إن هذا الأمر يظهر أن الشركات الصغيرة لا تمتلك المال الكافي في معظم الأحيان للاستعانة بمكاتب قانونية تمكنهم من كسب الدعاوى القانونية التي يرفعونها ضد الشركات التكنولوجيا الكبرى، وهي القضية التي تبدو أكثر تعقيداً مما نعتقد، إضافة إلى أنها تبدو صعبة جداً حتى بالنسبة لجهات حكومية وإقليمية مثل مفوضية الاتحاد الأوروبي مثلاً.
وقضت المفوضية الأوروبية العام الماضي بتلك الغرامة على شركة «جوجل»؛ بسبب أنها تقوم بوضع الأنشطة والإعلانات التابعة لها في مقدمة عمليات البحث التي يقوم بها المستخدمون، خصوصاً المنتجات التي تنتجها، أو التي التي ترتبط معها بمصالح وثيقة، وقد أمرتها المفوضية بمعالجة هذا الأمر بأسرع وقت ممكن وإيجاد آلية تضمن عدم تكرارها، بما يضمن انتشار معايير التنافس بين مختلف محركات البحث. ورغم تلك الغرامة الكبيرة، لا يبدو أن جوجل قد اهتمت بذلك الأمر؛ حيث إنها لا تزال تضع منتجاتها أو التي تخص شركاءها من أصحاب المصالح في طليعة نتائج البحث التي يقوم بها المستخدمون عن المنتجات، وهو ما يعد تحايلاً صريحاً منها على القوانين والأحكام التي تفرضها الجهات التشريعية حول العالم، وهو ما يستوجب إيجاد آلية فاعلة تختص بتلك المخالفات، واتخاذ القرارات المناسبة حيالها، ومتابعة تنفيذها، ومضاعفة الغرامات والعقوبات المفروضة على ذلك النوع من الشركات.

*بلومبيرج

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى