القيامة الصامتة!
خيري منصور
هذا العنوان لإحدى روايات الكاتب اليوناني نيقوس كازنتزاكي صاحب واحدة من أهم روايات القرن العشرين وهي «زوربا» التي تحولت إلى فيلم سينمائي شهير، وكان كازنتزاكي كما يروي في مذكراته قد زار فلسطين عام 1947 أي قبيل النكبة وإعلان الدولة العبرية، وله كتابات دفعت الدوائر الصهيونية إلى اتهامه باللاسامية.
إننا نتذكر هذا الكاتب وروايته «المسيح يصلب» من جديد ونحن نرى الأبواب العتيقة والعريقة لكنيسة القيامة في القدس مغلقة، وبشكل غير مسبوق، رغم أنها تعرضت من قبل لانتهاكات من سلطات الاحتلال، فالمسيحيون في فلسطين، مكون عضوي وأصيل في النسيج الاجتماعي وتجلياته الحضارية والقومية والثقافية، لهذا فالاحتلال لم يفرق بين مسلم ومسيحي وبين المسجد والكنيسة، وكان إبعاد سلطاته للمطران كبوتشي الذي مات في المنفى بعد عقود من إبعاده مثالاً صارخاً لاستهداف المسيحيين العرب خصوصاً بعد أن أخفقت سلطات الاحتلال في خلق صدع في النسيج الوطني، وتحولت الطوائف في فلسطين إلى أطياف متعايشة ومتكافلة!
وفي العام الماضي خلال شهر رمضان كان المسحراتي الذي يوقظ الناس من النوم ليلاً في الناصرة مسيحياً ليعرب عن تضامنه مع أبناء شعبه، وأن الوطن لا يقبل القسمة إلا على نفسه!
وبعد احتلال الضفة الغربية ومنها القدس عام 1967 كانت القصائد والكتابات كلها على امتداد الوطن العربي تنظر إلى المسلمين والمسيحيين تحت الاحتلال كما لو أنهم ضفيرة واحدة، وهكذا تغنى أشهر المطربين العرب يومئذ عبدالحليم حافظ بالسيد المسيح، وكذلك فيروز، وإن كان ما كتبه الراحل نزار قباني قد مكث في الذاكرة العربية حتى الآن.
ومنذ ذلك النهار الأسود والطفل وأمه في المغارة يبكيان، وشوارع وأزقة القدس تئن تحت أقدام المستوطنين، والعيون ترنو كل يوم إلى ذلك الفردوس الذي يحيط بعاصمة العواصم كلها.
لقد كتب كازنتزاكي عن المسيح الذي يعاد صلبه قبل عقود، ولو بقي على قيد الحياة والكتابة لكتب عن المسيح الأسير!