مقالات عامة

بين شهرين

ابن الديرة

كل زمن الإمارات للابتكار أو القراءة أو ما تخصص له الأعوام والشهور من وجوه النشاط الإنساني. هذا التخصيص يهدف إلى تركيز الاهتمام في الفترة الزمنية المحددة من جهة، ومن جهة ثانية فهو بمثابة إشارة إلى مستقبل الفعل الإيجابي المراد أو المرسوم في أفق فكرة الاستدامة التي ترفعها القطاعات التنفيذية في بلادنا شعاراً، وشعاراً ينبغي أن يطبق لا أن يعلق على الجدران أو يبقى طي الصدور، وبعد شهر الابتكار ها نحن ندخل في شهر القراءة الذي هو كأخيه لا يأتي فجأة أو على حين غرة. هو يأتي نتيجة توجيه كريم من القيادة السياسية حولته الحكومة برنامج عمل. القصد أن الإعداد والتخطيط لشهر مارس من كل عام، كونه شهر القراءة في دولة الإمارات، ينبغي أن يكونا هاجس وشاغل جميع الوزارات والمؤسسات والإدارات المعنية قبل شهور طويلة من حلول شهر القراءة، حتى نعيش شهر قراءة حقيقياً، وحافلاً بمبادرات القراءة وتنمية المعرفة.
لا شك في ريادة الفكرة ابتداء، لكن تحققها على الأرض يتطلب جهوداً متعاظمة ومنسقة ومتسقة مع بعضها بعضاً، وفي حين يقوم «مجلس الوزراء» عبر المؤسسة التي تمثله بدور واضح في الدعوة والتنسيق، يعلن عن إطلاق حوالي 1700 مبادرة قراءة أو تشجيع على القراءة.
نعم القراءة باعتبارها تفاعلاً ومشاركة وإبداعاً، ما يوجب على جميع المؤسسات الوطنية، حكومية أو خاصة، تفعيل شهر القراءة، نحو تكريس أثره في العقول والنفوس، خصوصاً حين يتصل الأمر بالشباب وطلاب المدارس والجامعات، وحين يقال القراءة بصفتها إبداعاً، فالمعنى أن القراءة علم وفن، رسالة وحضارة، وأن القراءة تدريب وروح وشغف، فلا يترك أمرها عشوائياً أو كيفما اتفق. المعنى القراءة المنتجة، ما يتطلب التوجيه نحو اكتساب أكبر قدر من الجدوى.
والقراءة وعي، فكم تجذر هذا الوعي في مجتمعنا، و هل أعددنا البيئة الملائمة والشروط اللازمة؟
الجهد المبذول حتى الآن واعد ومبشر، والمطلوب دائماً المزيد، تلبية لطموح دولة الإمارات في هذا الجانب الحيوي، فدولة الإمارات التي تهتم كثيراً بالعلوم والثقافة والمعرفة والإعلام والمدارس والجامعات ومراكز البحوث تستحق واقعاً أفضل لجهة رعاية عنوان القراءة مع ما يشتمل عليه من خطوات ومبادرات.
الإمارات التي أطلقت مشروع تحدي القراءة العربي، والتي تضم اثنين من أكبر معارض الكتب في الوطن العربي والعالم، والتي تضم مشروع الشارقة الثقافي الذي يعد فريداً من نوعه على مستوى العالم تستحق «تنشيطاً» أكبر لواقع القراءة، بدءاً من تشجيع حركة الكتابة ونشر الكتب، والمرجو حضور اهتمام مؤسساتنا دائماً، وفي شهر القراءة خصوصاً، بالقراءة، بأسلوب متجانس غير متفاوت، ولعل البداية الحقيقية التي تؤسس فعلاً للمستقبل بداية المدارس ورياض الأطفال، فهلا اعتبرنا شهر مارس من كل عام فرصة لتزويد وتحديث مكتبات المدارس والرياض؟
تلك خاطرة ترد إلى الخاطر بين فبراير ومارس، بين شهري الابتكار والقراءة، وهل ابتكار من دون قراءة، وهل من قراءة بعيداً عن الإبداع؟

ebnaldeera@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى