مقالات عامة

طقوس البداية لحقبة الذكاء الاصطناعي

شيماء المرزوقي

في السابق كانت الشركات أو المحال الكبرى الحريصة على رضا الزبائن، تضع صندوقاً وقلماً وبعضاً من الأوراق، وتحث الزبائن على تدوين أي ملاحظة يجدونها، أو أي شكوى لسوء في الخدمة أو في السلعة، ثم باتت العملية إلكترونية والهدف هو رضا الزبون عن الخدمة التي تقدم له، وظهر من دون شك أن رضا العملاء مرتبط تماماً بنمو الأرباح، فكلما زادت نسبة الرضا، تصاعدت أرقام الأرباح والعكس بالمثل، وكلما حدث تذمر من الزبون انخفضت المكاسب، لذا كان من البديهي أن نرى التنامي والاهتمام بالزبائن، ومدى رضاهم عن الخدمات التي تقدم لهم، خاصة عند وجود منافسين آخرين في السوق، وتبعاً لهذا ظهرت شعارات كثيرة، مثل الخدمة بعد البيع، والزبون شريك، والزبون على حق دائماً، وغيرها الكثير.
مع ثورة الاتصالات الحديثة باتت كثير من الشركات والمحال الكبرى لها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، تهدف من خلالها إلى الدعاية والإعلان بطبيعة الحال، ولكنها أيضاً تجد فيها فرصة لمعالجة أي شكوى أو تذمر من الخدمة، حيث تسارع بالرد والتواصل مع الشاكي، لأن الحديث على مواقع التواصل من زبون غاضب، ولغضبه مبرر، أبلغ الأثر في تشويه صورة هذه الشركة أو تلك.
اليوم يدخل عنصر جديد في عملية جذب الزبون والسعي لرضاه، وهو عملية مشاركته في الإنتاج وابتكار السلع التي تناسبه، وهذه الخطوة من شأنها أن تجعل عملاءك جزءاً من عملية النجاح التي ستحققها، ولإنجاز هذا التوجه بدأت كبريات الشركات في رصد ميول عملائها وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وقد يدهشكم أن عملية جمع المعلومات تتم بطرق مختلفة وبواسطة شبكة الإنترنت نفسها، والتي نجد دائماً فيها إعلانات لقياس الرأي أو للتعبير عن الميول والرغبات، فعندما تبحث في «جوجل» على سبيل المثال عن رحلة سياحية، تشعر بأن هناك عدة مواقع عرفت برغبتك، فتظهر أول الخيارات مجموعة من الإعلانات، ثم عند التصفح تظهر إعلانات تحمل تخفيضات والكثير من التسهيلات، وعلى مثل هذه الحالة يمكن القياس.
عملية رضا الزبون وكسب ولائه تجاوزت تقديم الخدمة الممتازة بسعر معقول ومنافس ثم قياس مدى رضاه ومحاولة معرفة ما الذي يضايقه، لتصل إلى تفكيره وحاجته وتطلعه وخططه المستقبلية ثم استهداف هذه الجوانب، إنها صناعة جديدة تتواكب مع تطور العصر والاستعداد لدخول حقبة الذكاء الاصطناعي، وما هذه إلا طقوس البداية فقط.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى