إدمان التكنولوجيا والخطر الكامن
كارك بنهامز*
كان قطاع التكنولوجيا حتى وقت قريب جداُ المجال الذي يسيل له لعاب الكثير من الموظفين حلما منهم للعمل فيه، خصوصا الشركات العملاقة مثل جوجل وفيسبوك وأمازون وغيرها، بيد أن الأوضاع انقلبت في الآونة الأخيرة رأسا على عقب، خصوصا بعد أن تحولت تلك الشركات إلى ما يشبه صناعات تقليدية تنتج منتجات ضارة ولكن الناس وصلوا فيها إلى مرحلة الإدمان، في حين أنها تجني من ذلك مليارات الدولارات التي تدخل خزائنها سنويا، والتي جعلت منها امبراطوريات في عالم الشركات اليوم.
وعلى الرغم من ذلك، من المؤكد أن العاملين في القطاع لا يرغبون في رؤية شركاتهم وهم يدفعون ثمن الأخطاء التي ارتكبوها وما زالوا حتى الآن، ويعتقدون أن تلك الشركات تحاول جعل العالم أفضل مما هو عليه حاليا، بيد أن الكثير من النقاشات تدور حول سلبيات تلك الشركات والآثار التي أحدثتها في المجتمعات. من ضمن السلبيات التي طغت على المجتمعات جراء الاستخدام المتواصل لوسائل التواصل الاجتماعية والتكنولوجيا التأثير الكبير الذي أحدثته على الأجيال الناشئة، حيث تقوم الشركات بإعطاء صورة مضمونها أن منتجاتها هي الملاذ الأوحد للتخلص من المشاكل النفسية، فيما أثبتت الدراسات والأبحاث أن ما تحاول تلك الشركات إقناع الناس به يقف على النقيض تماما من الحقيقة المتمثلة في أنها من تلك المشاكل، وتعزز من العزلة الاجتماعية، فضلا عن أنها تقلل التواصل الحسي بين الناس.
ومن المساوئ الأخرى التي أثبتتها الدراسات أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا ووسائل التواصل يمكنها أن تتسبب في زيادة حالات الانتحار أو الشروع فيه، خصوصا في فئتي الشباب والصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ 14 من العمر، فضلا عن التعقيدات النفسية التي تصاحبهم بسبب إدمانهم عليها ومحاولة مقارنتها بما هم عليه بأي طريقة كانت. وإضافة إلى ذلك، أثبتت العديد من الحالات أن شركات التكنولوجيا الكبرى تطور منتجات وتجري أبحاثا موسعة تصرف عليها مبالغ طائلة لجعل الناس مدمنين على تلك المنتجات، وهو ما سيضمن بالتأكيد استمرار جنيها للأموال، إذ تتركز التحليلات والأبحاث التي يقومون بها على دراسة علم النفس ومعرفة ما يمكن أن يجذب أكبر قدر ممكن من المستخدمين، فضلا عن التحديثات المستمرة التي يجرونها على تلك المنتجات بما يضمن ديمومتها، ناهيك عن أنها تقوم باستغلال انتشارها وتأثيرها الكبيرين بطريقة غير أخلاقية للتغول على تفاصيل الحياة الشخصية والأسرار التي لا يمكن أن يبوح بها الناس في العادة، مستغلين في ذلك حالة الإدمان التي وصل إليها الناس.
*سمارت وورلد