«إسرائيل» بانتظار سقوط نتنياهو
ميتشل بليتنيك *
التوصية التي قدمتها الشرطة «الإسرائيلية» مؤخراً، بتوجيه تهم فساد إلى بنيامين نتنياهو، يمكن أن تكون بداية العد العكسي لرحيل الرجل الذي شغل منصب رئيس الوزراء لأطول مدة في تاريخ «إسرائيل»، باستثناء ديفيد بن جوريون. وحتى المراقبون الحذرون، مثلي، الذين لن يعتبروا أن نتنياهو قد انتهى فعلاً إلى أن يترك منصبه، لا بد أن يقروا بأنه يصعب عليه هذه المرة أن يبقى في منصبه، كما تعهد، حتى نهاية ولايته الحالية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وبالنسبة لأكثرية من «الإسرائيليين»، سيكون رحيل نتنياهو حدثاً مرحباً به. وحتى بين اليمين «الإسرائيلي»، فإن فساد نتنياهو السافر، واستعداده لتقويض الديمقراطية «الإسرائيلية»، قد كلفاه خسارة تأييد كثيرين. وقد أظهر استطلاع للرأي حديث العهد (نشرت نتائجه في 21 فبراير/شباط) أن 50% من «الإسرائيليين» يرون أن نتنياهو يجب أن يستقيل أو ينحي نفسه مؤقتاً بانتظار انتهاء التحقيقات، في حين أن 33% فقط يعتقدون أنه يجب أن يبقى في منصبه.
ومن المستبعد أن ينشغل رئيس الوزراء المقبل في التهجم على مؤسسات الدولة «الإسرائيلية» كما فعل نتنياهو في محاولته لإنقاذ نفسه، كما يستبعد أن يحاول رئيس الوزراء المقبل التلاعب بوسائل الإعلام كما فعل نتنياهو، ويتوقع أن يحرص على عدم خرق الأنظمة والقواعد التي تحكم تقديم هدايا ورِشى إلى المسؤولين، وهو الخرق الذي سبق أن أسقط رئيس الوزراء الموصوم إيهود أولمرت، ويوشك الآن أن يسقط نتنياهو.
وبناء عليه، بالنسبة ل«الإسرائيليين» ستكون هناك بعض المكاسب نتيجة لرحيل نتنياهو. ولكن بالنسبة لمسار «إسرائيل» العام، ليست هناك ظروف مهيأة للتغيير. ومن هذا المنظور، فإن نتنياهو ليس سبباً وإنما علامة. إذ إن استطلاعات الرأي تظهر أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو لايزال مرشحاً للفوز بأكبر عدد من الأصوات في أي انتخابات مبكرة محتملة، وهذا واقع لم يتغير خلال مسلسل الكشف عن فضائح فساد. وسأل المشرفون على أحد هذه الاستطلاعات الناخبين كيف سيقررون خياراتهم في حال جرت انتخابات في وقت لايزال نتنياهو يقود الليكود أو انتخابات يقود الليكود خلالها سياسي آخر؟ وكانت النتيجة أن أكثرية طفيفة، تكاد تكون معدومة، اختاروا حزب الليكود بزعامة نتنياهو.
وفي انتخابات جديدة، ميزان القوة بين اليمين واليسار قد يتعدل بصورة طفيفة مع خسارة الليكود بضعة مقاعد في الكنيست، ولكن الخسارة لن تكفي لمنع انتخاب أكثرية يمينية، خصوصاً أن المعارضة لن تتفق على تشكيل حكومة ائتلافية تضم القائمة العربية الموحدة، وحزب حداش (أو الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وهو تحالف سياسي يساري عربي يهودي). بكلمات أخرى سيطرة اليمين تبقى راسخة في المستقبل المنظور.
والمعركة الرئيسية لاستبدال نتنياهو ستُجرى داخل حزب الليكود. وأبرز زعماء هذا الحزب الذين يتصارعون الآن لخلافة نتنياهو هم جلعاد أردان، ويولي أدلشتاين، ويسرائيل كاتس، وجدعون سار. والأخير هو على الأرجح الأكثر اعتدالاً، ولكن هذا التميز لن يعني شيئاً في ما يتعلق بالاحتلال والسياسة الخارجية. وقد عبر يائير لبيد زعيم حزب «يش عتيد» (هناك مستقبل)، وآفي غباي زعيم حزب العمل، عن دعمهما ل«عملية السلام». ولكنّ هذا «الدعم» إشكالي ولا يُخفي واقع أن بيانات وتصريحات هذين الزعيمين تظهر بوضوح عداءهما تجاه الفلسطينيين، وكذلك عداء تجاه فلسطينيي الداخل (عرب 48). ولذلك ليس هناك أمل في تغيير حقيقي من هذه الناحية، حتى إذا استطاع أي منهما تشكيل حكومة (وهذا أمر مستبعد على كل حال).
وهذا يبين مرة أخرى أن نتنياهو أصبح رمز تحول «إسرائيل» جذرياً نحو اليمين أي ضد حل الدولتين، ونحو إضعاف الديمقراطية في «إسرائيل»، والتحول نحو تعزيز الحكم العرقي وتنامي العنصرية ضد الفلسطينيين ورفض حل الدولتين.
* محلل سياسي أمريكي موقع «لوب لوغ»