روسيا وأزمة اليمن
صادق ناشر
كأن روسيا ترى ما لا يراه العالم، فالسياسة الروسية صارت في السنوات الأخيرة مصابة بداء المصالح العمياء، ولا تختلف هذه السياسة في طريقة معالجتها للأزمات المختلفة في العالم، ومن بينها الصراع في منطقة الشرق الأوسط، عن الطريقة التي تدير بها الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأزمات، كما في انحيازها الأعمى ل«إسرائيل».
العالم يرى ويشهد، وإيران نفسها تؤكد تورطها في تزويد جماعة الحوثي بالسلاح، وتصريحات قادتها الصغار والكبار على السواء تتباهى بأن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي تقع تحت نفوذها، إلا روسيا، التي لا ترى ذلك، بل أكثر من هذا تعمل على حماية إيران من أية عقوبات دولية تؤكد تورطها في اليمن، وكأنها لا ترى ما يراه العالم، فالدلائل على كثرتها، لم تقنع موسكو على ما يبدو بخطورة ما تقدم عليه طهران في اليمن، ليس منذ اليوم، بل منذ سنوات طويلة.
يوم الثلاثاء الماضي أفشلت روسيا ب«الفيتو» مشروع قرار قدمته بريطانيا إلى مجلس الأمن الدولي يدين إيران لتزويدها جماعة الحوثي بالأسلحة، من بينها الصواريخ والطائرات بلا طيار، وتعاملت مع القضية، كما تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية عند أي قرار يخص إدانة «إسرائيل» لقيامها بانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، فاستخدمت حق النقض «الفيتو»، الذي تحول إلى وسيلة من وسائل تغييب العدالة في «مجلس العالم»، حيث يخفق باستمرار في اتخاذ قرار عادل لصالح الشعوب المستضعفة.
كان التقرير الذي أعده خبراء تابعون للأمم المتحدة بشأن اليمن خلص إلى أن إيران لم تمنع وصول الأسلحة المختلفة بما فيها الصواريخ إلى اليمن، لكن موسكو رأت أن التقرير لا يحمل أدلة على تورط مباشر للسلطات الإيرانية في إيصال هذه الأسلحة إلى اليمن، كما رأت أيضاً أن قطع الصواريخ التي عرضت مؤخراً، حتى ولو كانت إيرانية الصنع، لا تكفي للدلالة على أن إيران قامت بدور مباشر في نقلها إلى اليمن في خرق لقرار الأمم المتحدة الصادر عام 2015.
تتبارى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في قضية استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي لكنه لا يعود على العالم إلا بالوبال، فالقوتان العالميتان والمؤثرتان في مسار الصراع في أكثر من بؤرة، تراعيان مصالحهما الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حتى لو كان ذلك على حساب الشعوب المستضعفة، والدليل ما يحدث اليوم من تجاذب في مواقف الدولتين من الصراع في منطقة الشرق الأوسط، فتحضران وتغيبان في المشهد وفق منطق المصلحة وليس منطق العدالة.
sadeqnasher8@gmail.com