مقالات عامة

«تأمين» على الضمائر

جمال الدويري

قضية التأمين والرسوم التي تفرضها شركات التأمين في الدولة، مقابل الخدمات التي تقدمها للجمهور، والعكس تماماً، عندما تلزم الشركة برد مبلغ إلى المؤمن عليه، أو يحين موعد دفع «الوثيقة»، كلها أرقام مبالغ فيها، وتحتاج إلى إعادة هيكلة وتقنين.
أرباح 30 شركة تأمين مدرجة في سوقي دبي وأبوظبي، قفزت خلال عام 2017، إلى 1.4 مليار درهم، مقارنة ب 900 مليون درهم، عام 2016، وتحققت ربحيتها الكبيرة، بدعم من الزيادة التي شهدتها أسعار وثيقة التأمين الموحدة التي بدئ العمل بها، من يناير 2017، ما عزز موارد هذه الشركات، فضلاً عن عمليات الاستثمار الأخرى التي تشكل مصدر إيراد للقطاع أيضاً.
معادلة التأمين أصبحت تثقل كاهل الجميع، وعنوانها «المبالغة» في كل شي، فأصبحت شركات التأمين تبالغ في فرض رسوم اشتراك على المؤسسات عند التأمين على موظفيها، وأصبحت المستشفيات الخاصة تبالغ عندما يقع بين يديها «ضحية» لديه تأمين جيد، وأصبح المرضى أنفسهم يبالغون في «التمارض» عندما يكون لديهم وثائق تأمين، فتزداد عنايتهم بأنفسهم، وتزداد إجازاتهم المرضية مادام «كله على التأمين».
بعض فواتير المستشفيات التي يدفعها التأمين عن المؤمَّن عليهم، نظير علاجات بسيطة مبالغ فيها وكبيرة جداً، وبعض الفحوص والتحاليل التي يقدمها مستشفى إلى مريض لديه زكام مبالغ فيها أيضاً.
المبالغة في تحميل شركات التأمين فواتير المستشفيات وحالات التزوير التي تحصل كثيراً في هذا القطاع، وكلف تصليح السيارات، دفعت هذه الشركات لأن تنعكس على المستهلك النهائي بزيادة الرسوم المبالغ فيها أيضا.
المسألة الأكثر اهتماماً، لدى العامة، فيما يتعلق بالتأمين، هي قضية التأمين الصحي، وهي أكثر إلحاحاً لدى الناس من مسألة التأمين على الحياة أو تأمين الحرائق والبواخر وغيرها، وقد تكون هذه الأخيرة هي اللقمة السائغة بالنسبة لشركات التأمين، لأن حوادثها أقل وفوائدها أكثر.
لكن مسألتي التأمين الصحي وتأمين السيارات، قضيتان تحتاجان إلى مراجعة، لارتفاع الكلف الذي دفع البعض إلى التحايل على هذه الشركات، باستخدام بطاقة غيره للمعالجة، أو الطلب من الطبيب وصف أدوية زيادة، يستغلها المريض في أشياء أخرى، وكذا الأمر على حوادث السيارات، عندما يلجأ الشخص إلى تحميل تصليح أعطال سيارته على التأمين، رغم أنها غير مشمولة.
مسألة قد تبدو في ظاهرها معقدة، وذات تشعّبات ودهاليز، لكن الواقع غير ذلك، ويتمثّل بضرورة إعمال الضمائر التي يجب أن تكون حيّة، حتى لا يكون هناك وثائق «تأمين» على الضمائر.

jamal@daralkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى