آذار
يوسف أبو لوز
آذار/مارس في الإمارات شهر القراءة في عشرية القراءة (2026)، والقراءة في هذا الشهر الشتوي البالغ الرهافة والشعرية لها مذاق عائلي عندما تتحول إلى سلوك وثقافة يومية.
من مشروع مكتبة في كل بيت، الذي ولد في إطار مشروع الشارقة الثقافي الإماراتي والعربي والعالمي، إلى مبادرات الترجمة والنشر في الإمارات، إلى النموّ المتسارع في قطاع صناعة الكتاب، ومدينة الشارقة للنشر والكتاب، وحرفيته وإدارته مهنياً وبمواصفات عالمية علمية حديثة، وصولاً إلى المبادرة الكبرى، عشرية القراءة، الأولى عربياً وعالمياً، تكون القراءة في الإمارات سياسة ثقافية مطلوب من المؤسسات الإماراتية التعليمية والإدارية والثقافية وضعها ضمن الأولويات في برامج هذه المؤسسات.
آذار/مارس في الإمارات، أيضاً، زمن ذروة الفعاليات والأنشطة والعمل الثقافي بالدولة، وأحسب أن وقت التحضير للفعاليات الكبرى ذات الصلة المباشرة بالقراءة، مثل معارض الكتب.. و«آذار» في الإمارات زمن المسرح والتفكير المسؤول في ثقافته وفي طروحاته الفكرية والإنسانية والجمالية، و«آذار» في الإمارات شهر الاستقبال الكريم لعشرات بل مئات الكتّاب والفنانين من العرب وغير العرب، أهل الانشغال الحقيقي والجاد في الفنون والآداب والمعارف.
«آذار/ مارس» في الإمارات حيوية إعلامية، وثقافية، واقتصادية، وسياحية، هي الصورة الحقيقية للدولة في مؤشر عطائها لأهلها ولمحيطها وللعالم، بكل سخاء ومحبة وتعاون في آذار وفي كل الشهور.
.. و«آذار» شهر العالم..
في 21 منه يصادف اليوم العالمي للشعر، والشعر لغة العالم كله، وإن كتب بأبجديات مختلفة، والشعر روح اللغات جميعها، واللغة العربية روحها روح شعرية بنحوها وصرفها وكناياتها واشتقاقاتها ومجازها وبلاغتها المركبة على أكثر من حرف ودلالة ومعنى.
يوم الشعر العالمي في «آذار».. شهر الغيم وظلال الغيوم.. يتوحد فيه سكان هذه الأرض على فن مصنوع من اللغة وموسيقا الكلام المشروح والمترجم والذي ليس أصلاً في حاجة إلى مترجم.
الشعر صلوات وشكر وهبة من السماء، وعلى الورق هو صكوك صداقات ورسومات بالحروف أشبه بما يرسمه النمل، وهو في طريقه إلى مملكته الأرضية الجوانية، والنملة تحمل أكثر من أضعاف حجمها ووزنها من القش والقمح، والكلمة، كذلك تحمل أكثر من حروفها من معنى وإشارة ورمز.
الشاعر الأمريكي «أثيلبرت ميلر» من أصول إفريقية، لمس وجه الشعر عندما كتب: «.. الشعر كالصلاة..// .. كالضوء يرقص وسط الكلمات..// .. أحاول أن أكتب خمس مرات في اليوم..// .. وخطوة تلو الأخرى..// .. اتجه صوب المحراب..// .. أهيئ نفسي لتلاوة ما يجول في قلبي..// .. فألهج وباسمك..//» .. «من ترجمة وصال العلاق.
.. آذار أيضاً.. فلسطيني.. أو أن «آذار» شاعر فلسطيني عندما يقرأ شعره في يوم الأرض، أو في يوم الأم، وما أقرب روح الأم من روح الأرض.. الأولى رمز الولادة، والثانية رمز الخصب، وكان محمود درويش قد جمع فلسطين في قصيدة في طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، وأنهاها بنقطة حبر أخضر من شجر الكرمل.. قبل أن تسقط دموع آذار على أسوار القدس.
yabolouz@gmail.com