مقالات عامة

الأكل

يوسف أبو لوز

روى الزميل والصحفي العتيق إبراهيم مرعي أنه أجرى في شبابه حواراً مع رئيس أوغندا السابق عيدي أمين في منزله، وتجرأ الزميل على سؤال طرحه على الرئيس الإفريقي الذي شاع عنه أنه يأكل لحوم البشر، فقال له عيدي أمين.. يقال إنني آكل لحوم البشر.. تفضل هذا المطبخ أمامك، وافتح ما تشاء من برادات لترى بعينك وتتأكد أنه لا يوجد فيها لحم بشر، ولكن الرئيس الأوغندي، وبحسب كتاب من تأليف فيكتوريا كلارك، وميليسا سكوت بعنوان «طعام الطغاة» كان يأكل أكثر من أربعين برتقالة يومياً، أما رئيس كوريا الشمالية كيم جون فتقول المؤلفتان، إنه كان يتناول حساء زعانف سمك القرش، كما يتناول حساءً آخر، ولكن احتراماً لذائقة القارئ لن أذكر اسمه.
كان هتلر، وفقاً لما في الكتاب، نباتياً.. « لأسباب إيديولوجية وعقائدية..».. وكان مولعاً بالبطاطا المهروسة والمرق، أما ستالين فكان يحب الجوز والثوم والخوخ والرمان – نباتي هو الآخر كما يبدو – ويعتقد موسوليني أن الطعام الفرنسي ليس له أي قيمة، ومثل ستالين كان موسوليني يتناول سلطة الثوم، غير أن أكثر ما يرعب في هذا الكتاب المتوفر في مواقع إلكترونية كثيرة، ولا ندري مدى دقة ما فيه من معلومات، هو أن ديكتاتور كمبوديا السابق بول بوت كان يفضل تناول الثعابين والفواكه الطازجة، ويحب تناول حساء الكوبرا كثيراً.
كان ديكتاتور رومانيا نيكولاي تشاوتشسكي يتناول اللازانيا النباتية مع البيض المخفوق في القشدة الحامضة، وهذا الطعام في منتهى الرقي مقابل أطباق بعض الرؤساء الأفارقة والآسيويين الذين يتناولون ما تطرحه بحار وجحور الأرض.
أحياناً، يعود اختيار طعام في حد ذاته عند هؤلاء الطغاة إلى مزاج الطاغية نفسه أو مزاج طباخه، لكن المذهل حقاً أن يعود تحضير طبق من الحساء أو اللحم أو الخضار إلى «سبب إيديولوجي أو عقائدي» كما هي الحال عند هتلر عندها قد يعمم الطاغية طعامه هذا على شبعه كله.. بما فيه من أطفال ومرضى وجائعين.
هل ثمة علاقة بين الشراهة.. والاستبداد؟
مؤلفتا الكتاب تريدان القول، بشكل غير مباشر، إنه نعم هناك علاقة بين الإقبال المفرط على الأكل، والنفسية العصابية الطغيانية، وقريب من ذلك، أن بعض الناس العاديين عندما يتعرضون للقلق والتوتر يقبلون بشراهة على الأكل.
وإذا كانت فيكتوريا كلارك هي نفسها من كانت في حرب العراق مساعدة دونالد رامسفيلد للشؤون العامة، فمن الممكن أن نضع علامة استفهام على كتابها هذا مع زميلتها، ميليسا سكوت.. أو أن الكتاب ناقص.. فالأمريكي الأبيض ذو الرقبة الحمراء شره هو الآخر.. وما أكثر البرادات الأمريكية المملوءة بلحم الهنود الحمر.. إن رمزياً أو مجازياً.. والباقي في بطن القارئ.

yabolouz@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى