مقالات عامة

دردشة في الإيديولوجيا والاقتصاد

عبد اللطيف الزبيدي

هل في العالم العربي فكر اقتصادي؟ الجواب الثعلبي: الاقتصاد يتبع الإيديولوجيا، لهذا لم يظهر لدينا فكر اقتصادي عربي نابع من المعطيات العربية. بصرف النظر عن الإيجابيات والسلبيات، أمامنا نماذج واضحة المعالم: الرأسمالية الغربية، التنمية الاقتصادية غير المتسرعة الهندية، اقتصاد السوق الاشتراكي الصيني.
تبعية الفكر الاقتصادي للإيديولوجيا حافلة بالمفارقات، ما يجعل الحافلة أحياناً لا تتقدم. في المكتبة العربية عناوين لا تحصر في الاقتصاد الاشتراكي، صارت نسياً منسياً. شوقي لخصها في بيت واستراح: «الاشتراكيون أنت إمامهم.. لولا دعاوى القوم والغلواء». بعضهم جعل المعري اشتراكياً: «فلا هطلت عليّ ولا بأرضي..سحائب ليس تنتظم البلادَا.. ولو أني حبيت الخلد فرداً.. لما أحببت بالخلد انفرادَا». ما كتب في الاقتصاد الإسلامي أيضاً لا يحصى في العالمين العربي والإسلامي. في الجانبين؛ الإسلامي والماركسي، نرى الجوانب المهمة غائبة: الخصوصية في البيئة والموارد والجغرافيا الطبيعية والبشرية ومستوى التعليم والكفاءات، وكل ما يربط المكونات والمعطيات بالتنمية والسياسة العامة والعلاقات الدولية.
هنا نواجه المفارقات المحشوة بالدعابة: لماذا سقط الاتحاد السوفييتي، ولم تظهر أي تجربة جلية للاقتصاد الإسلامي؟ عثرات الاقتصاد السوفييتي، التي أدت إلى تخصيص 71% من الميزانية العامة للتسلح، كانت سبب الانهيار، بينما أدرك الزعيم الصيني دينج شياو بينج الخطر، فأطلق اقتصاد السوق الاشتراكي قبل عقد من التفكك السوفييتي، وأعاد مسيرة ماو من الأطراف نحو المراكز، ولكن في تحرير الاقتصاد. الاقتصاد الإسلامي، ظل نظرية إيديولوجية، لا تربطها صلات واضحة بالخصوصيات المحلية، بينما هذه الخصائص هي التي يقوم عليها التخطيط العملي، بالعناصر المتوافرة في البيئة الخاصة. هنا نرى العواقب الوخيمة لغياب البحث العلمي. بلاغة الحديث عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية وضرورتها، شيء رائع، ولكنها تبقى حبراً على ورق، إذا لم يوضع لها برنامج يحدد الوسائل والغايات طبقاً لجدول زمني صارم.
المؤسف هو أن فقدان القرار السياسي التنموي، لغياب الفكر الاقتصادي العملي النابع من الخصوصيات المحلية، وانعدام التفكير في تكامل الاقتصادات العربية، بالرغم من قناطير الشعارات والقرارات والتوصيات الفضفاضة، وإقصاء الأفكار الرائدة وتهميش دور الخبراء، أفضت إلى العجز عن استغلال الثروات العربية، بشراً وموارد، وتحويل البلدان وما ملكت إلى فرائس للأطماع الأجنبية. متى يظهر الفكر الاقتصادي النابع من الخصوصية في كل بلد عربي، ويهتدي الجميع إلى التكامل مع حفظ الألقاب؟
لزوم ما يلزم، النتيجة التبسيطية: نأخذ من الإسلام أننا إخوة، ومن الرأسمالية القوة التنافسية، ومن الاشتراكية بيتَي أبي العلاء الماركسي بلا حزب.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى