البريد الإلكتروني وحسابات التواصل
ديفين كولدوي*
أعلنت شركة جوجل قبل فترة عن تحديثات ستجريها عـلى البريد الإلكتروني الخاص بها باستخدام صفحات الجوال المسرعة AMP، وهو ما قالت إنه سيسمح بتفاعل أكبر وسيعمل علــى إثراء تجربة البريد الإلكتروني. هل يرى أي شخص أنها فكرة سيئة كما أعتبرها أنا؟ ليس هذا فحسب، بل إنها فكرة ناتجة من ضغوط التنافس الحامي الذي تشهده تطويرات البريد الإلكتروني، وليست نابعة من حاجة المستخدمين. وبالنظر إلى أن خدمة البريد الإلكتروني تنتمي لفئة محددة تتميز بالعملية وسرعة الإنجاز، فإن أي تغييرات تطرأ عليها بما يجعلها شبيهة بمواقع التواصل الاجتماعي يبدو أمراً غير منطقي.
إن ما يميز النماذج الحالية من خدمات البريد الإلكتروني بساطتها واعتماد جميع الشركات والمؤسسات عليها في تعاملاتهم اليومية، فضلاً عن أن سهولتها هذه تمكن الكثير من المستخدمين من التسجيل بمواقع التواصل والمواقع الإلكترونية الأخرى بدون أي عناء يذكر، ورغم التغيرات التي طرأت على البريد الإلكتروني طوال عقد من الزمن، بيد أن الفكرة الأساسية لا تزال كما هي بدون أي تغيير كبير، وكانت بساطة المهام التي تحتويها الخدمات جزءاً لا يتجزأ من الفكرة الرئيسية للخدمة، رغم إدخال العديد من المزايا الأخرى التي تتضمن الخصوصية التامة وخيارات الكتابة والإرسال المتعدد لأكثر من مستقبل.
لا يعتبر البريد الإلكتروني بحد ذاته ملكية خاصة لأي شركة، بل إنه يتوزع في العديد من المنصات التي يمكن أيضاً التراسل فيما بينها بكل سهولة، ويمكن أيضاً استخدام الخدمة من خلال الأجهزة المكتبية أو الحواسيب اللوحية والهواتف الذكية وحتى الأجهزة اللوحية، الأمر الذي يجعلها خدمة لا غنى عنها في عالمنا اليوم. ولكن يبدو أن شركات التكنولوجيا لا يمكنها الحفاظ أبداً على مبادئ تفضيل المستخدم على كل ما سواه، بل إنها تنظر أولاً إلى تحقيق المكاسب التي يمكن بها زيادة مداخيلها وعائداتها، وهو ما يتأكد يوماً بعد يوم بالعديد من الصور والأشكال.
أقترح على جوجل عدم المساس بخدمة البريد الإلكتروني، بسبب أن تحديثاً غير مبرر يغير من البنية الأساسية التي تعارف الناس إليها للخدمة، يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية ليس من السهل معالجة آثارها، وأعتقد أن الشركة ستظن أنها وبتلك الخطوة ستعمل على استقطاب المزيد من المستخدمين، ولكنني أرى أن التغيير الهيكلي للبريد وجعله شبيهاً بمواقع التواصل الاجتماعي سيعود بالكثير من الآثار السالبة على منتجات الشركة ككل، فلتحافظ جوجل على هذا الإرث على الأقل بدون المساس به، لأن البريد الإلكتروني هو أداة معينة لأغراض محددة، وليس حساباً اجتماعياً.
*تك كرنش