هل تتحكم الصين في التكنولوجيا؟
كريستوفر بلادينج*
يعتمد العالم الرقمي في يومنا هذا على البيانات، ولا يوجد هنالك أي مكان ينتج كمية بيانات أكثر من الصين التي يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت فيها 1.4 مليار شخص. وقد عززت الثروة المعلوماتية التي تمتلكها الصين من قدرة شركات التكنولوجيا العاملة فيها من أن تصبح بين الأفضل على مستوى العالم، وهو الأمر الذي أثار الكثير من التكهنات التي أشارت إلى إمكانية أن تصبح الصين المتحكم الأول في قطاع التكنولوجيا العالمي خلال السنوات المقبلة، خصوصاً التقنيات الجديدة التي تتضمن الذكاء الاصطناعي، بيد أن الكثير من الناس يعتقدون أن البيانات في حد ذاتها ليست الوسيلة التي يمكن بها تحقيق هذه السيطرة بدون بضع وسائل أخرى.
تمتلك شركات التكنولوجيا الكبرى ملايين المشتركين، وفي سبيل تأكيد النظرية التي تشير إلى أن الصين سوف تكون المهيمن الأول على قطاع التكنولوجيا مستقبلاً بسبب عدد السكان الذي يعتبر الأكبر عالميا، فإن كل مستخدم لمواقع التكنولوجيا يمكن أن يمثل إضافة كبيرة في طريق الصين نحو الهيمنة، حيث يضيف المستخدمون المزيد من المعلومات والبيانات إلى القواعد التي تستخدمها تلك الشركات، وهو ما ينطبق أيضا على الهند التي تمتلك تقريبا نفس العدد أو أقل بقليل من حيث أعداد مستخدمي الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة.
ويمكن من خلال إيجاد الآليات المناسبة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من التقنيات الحديثة، توفير قواعد بيانات لا مثيل لها من حيث الحجم والفاعلية والقابلية للاستفادة منها، ففي شركة مثل تويتر مثلا، والتي تمتلك نحو 300 مليون مستخدم نشط شهريا، فإنها لا تقل عن الميزة التنافسية التي تمتلكها شركة «وي شات» التي تمتلك قرابة مليار مستخدم. وإضافة إلى ذلك، فإن شركات التكنولوجيا الكبرى لا تقوم باستخدام البيانات والاستفادة منها بطرق مبسطة، حيث تعتمد على ذلك في استخدام آليات تتمثل في التحليل العنقودي، والتي يتم تطبيقها في الغالب على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتداخل فيها المعلومات بشكل يجعل من الصعوبة الاستفادة من كل البيانات بطريقة منفصلة.
وعلى الرغم من أن الصين تمتلك قوة تكنولوجية كبيرة حاليا، فإنها تفتقر إلى العلماء المتخصصين في التعامل مع هذا الكم الكبير من البيانات، وقد سعى الحزب الشيوعي الصيني المهيمن إلى جلب الخبراء التقنيين من الخارج، وفشل في ذلك رغم الحوافز الكبيرة التي كان يمكن للخبراء الأجانب الحصول عليها، وهو الأمر الذي أشار محللون إلى أنه بسبب القيود المفروضة على الإنترنت في الصين، والتي تتضمن حظر مواقع شهيرة مثل «يوتيوب» وغيرها من القيود التي لا تساعد الدولة على تصدر مشهد التكنولوجيا العالمي.
*بلومبيرج