هل يصبح التعليم أرقاً؟
جمال الدويري
المدارس الخاصة، ورسومها، وقرارات الزيادة، التي تمارسها بسبب أو بدونه، أصبحت مشكلة تؤرق كل من لديه طفل على مقعد الدراسة؛ هل يعقل أن يبقى تعليم الأبناء الشغل الشاغل لذويهم؟ هل يعقل أن نبقى في دوامة أن دخول طفل إلى حضانة في الدولة، يكلف أكثر من دراسة طالب جامعي في دول عربية أو حتى أوروبية؟
«الخليج» وضمن صفحات «تربية وتعليم» في هذا العدد تضيء على هذه المعضلة، التي تؤرق الأهالي؛ إذ إنه في الوقت الذي يتأهب الفصل الثاني للعام الدراسي 2017-2018 للرحيل، والاستعداد لإجازة الربيع، يعيش أولياء الأمور حالة ترقب وانتظار لنتائج نظر طلبات زيادة الرسوم الدراسية للعام الدراسي المقبل، التي تزاحمت على تقديمها إدارات المدارس الخاصة في مختلف إمارات الدولة، ومن المتوقع إعلان قرارات الزيادة هذا الشهر.
لم نسمع، ولن نسمع، عن مدرسة تخفض رسومها أو تراعي حالة الأهالي وأولياء أمور الطلبة، ولكننا نسمع دائماً عن طلبات لرفع الرسوم ورفع الأسعار، بغض النظر، إن كانت مستحقة أم لا، والذريعة أن القانون الذي ينظم العملية، يسمح لهم كل مدة زمنية، بالتقدم بطلب لرفع الأسعار.
الجهات المعنية، في مختلف المناطق التعليمية، والهيئات القائمة على شأن التعليم الخاص في الدولة، تركز جلَّ اهتمامها الآن، للانتهاء من نظر طلبات المدارس الخاصة في زيادة الرسوم، لاسيما أن اعتماد الزيادة يخضع لضوابط ومعايير، تختلف بحسب ظروف كل مدرسة، إلا أن وزارة التربية والتعليم، وبحسب معلومات ل«الخليج»، فإنها تعكف حالياً على توحيد القوانين واللوائح والتشريعات المنظمة لعمل التعليم الخاص، بالتعاون مع شركائها؛ إذ إن إجراءات تعديل قانون التعليم الخاص، تتضمن ضبط الرسوم الدراسية، فضلاً عن آليات المحاسبة والتقييم؛ ليأتي القانون شاملاً لجميع أطراف العملية التعليمية.
لا يوجد إجماع مجتمعي على قضية واحدة، مثلما هو حاصل على مسألة المدارس الخاصة، وارتفاع كلفها، ورسومها، ولسان حال الجميع أنه يجب ضبطها، لتبقى مشروعاً تنويرياً وخدماتياً وعلمياً أكثر منه ربحياً.
العلم مطلب أساسي لرقيّ أي أمة، ومنذ العهود المغرقة في القدم لأجدادنا، كان طلب العلم هدفاً وغاية، وكان الأطفال يتلقونه في ظلال الأشجار، أو الخيم، أو أي مكان يقيهم الحر، أو البرد، الآن الدولة وفّرت كل السبل المريحة والآمنة والجاذبة؛ لينهل أبناؤنا جميعاً المعرفة، وينهلون من حق طبيعي في حياتهم، فلا تكن بعض المدارس الخاصة، بجشع غير مبرّر، وسيلة هدم لآمال هؤلاء الصغار، وتبخيراً لطموحاتهم، وتشتيت أسرهم التي باتت تضطر إلى العودة إلى بلادها؛ لتعليم الأبناء هناك، على أن يبقى الأب وحيداً هنا.
jamal@daralkhaleej.ae