مقالات عامة

توعية العمالة الجديدة

ابن الديرة

لا نبالغ في القول بأن نحو نصف الجرائم التي ترتكبها العمالة الوافدة، وخاصة المساعدة منها باعتبارها قليلة الحظ من التعليم وتعيش في بيئة فقيرة على الأغلب، لا يخططون لها مسبقاً، ولكنها تقع بسبب جهلهم بقوانين البلاد التي تنظم الحياة الاجتماعية بين الناس، وبين المؤسسات وبينهم.
والافتراض بصحة هذه المعتقدات التي تدعمها دراسات وأبحاث متخصصة، يتطلب تنظيم حملات توعية لها طابع الشمولية والاستمرارية، تستهدف العمال في جميع المهن، وترمي إلى توعيتهم بحقوقهم وواجباتهم، وبالتالي يمكن تجاوز هذه النسبة الكبيرة والخطيرة معاً من الجرائم والمخالفات، بتعريف العمال بما هو سائد في البلاد من قوانين وعادات وتقاليد وأعراف اجتماعية لها قوة القانون أحياناً ليلتزموا بها، وما هو ممنوع فيتجنبوا ارتكابه أو حتى الاقتراب منه.
وللوصول إلى النتائج المرجوة وأكثر، يجب على جميع المؤسسات الحكومية والخاصة التي لديها عمالة على كادرها الوظيفي، أن تكون عوناً نموذجياً لهذا التوجه، فتدشن حملات توعية لهم تستمر بلا توقف، ولا ضير في أن يكون لها قسم مختص ينظمها داخل جهة العمل نفسها، ومن دون الحاجة إلى جهة حكومية تنظم محاضرات لهم، فالكل لديه الكثير من الأولويات الأكثر أهمية، والعمل هنا تكاملي وليس تخصصياً.
وفي مثل هذه القضايا المجتمعية، علينا ألا ننتظر الوصول إلى نتائج إيجابية مباشرة وملموسة كالعمليات الحسابية والجبرية والهندسية، لأن إحدى مزايا مردودات العمل الاجتماعي أنها تأخذ صفات الاستمرارية، والتراكمية، والمجتمعية التي لا تعترف بالعمل الفردي، لسبب بسيط هو أن الإنسان كائن اجتماعي يعيش على ما ينجزه، وتجارب الغير التي يمكن أن يبني عليها ويكمل المشوار.
حملات التوعية يمكن أن تبدأ أيضاً من الأقسام المختصة في سفارات الدولة وقنصلياتها المنتشرة في الدول التي تجلب منها العمالة، فإلى جانب إجراء فحص طبي شامل لهم في بلد العمالة ذاتها، لضمان عدم وصول عمالة مصابة بأمراض معدية إلى داخل البلاد، يتم توعية العمال بأساسيات حقوقهم وواجباتهم، من خلال عقود العمل الجاهزة والمعدة مسبقاً، بحيث يكون طالب العمل على علم تام بمواصفات ومزايا العامل الذي سيستقدمه، والعامل على دراية تفصيلية بما له من حقوق وما عليه من واجبات، وما هو سائد من قوانين أساسية في الدولة المتوجه للعمل فيها.
إن الالتزام بتنظيم حملات توعية مستمرة للعمالة المستقدمة من الخارج بحقوقها وواجباتها، هو جزء أصيل من جهات العمل الراغبة في الاستقدام، تماماً كما هو مسؤولية تنظيمية حكومية، والنتائج ستكون شديدة الإيجابية لو فهم العمال أن العمل الآمن هو حياتهم ومستقبلهم، وتعاونت مؤسسات الدولة مع وزارة الداخلية على ترسيخ ثقافة احترام القوانين، والحرص على نيل الحقوق كاملة، وهو دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، وحرصت جهات العمل الخاصة على الوفاء بواجباتها في هذا المجال.

ebnaldeera@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى