«استعراضي»
ابن الديرة
يفترض أننا في مجتمع الإمارات، وعبر التجربة واستخلاص خلاصاتها، تجاوزنا «المظهري» في كل شأن من شؤوننا، إلى «الحقيقي» و«المنتج»، بمعنى ضرورة التمسك بما يلمس ويحس ويكون ملء السمع والبصر، بحيث يعرف ويدخل في الخبرة المتراكمة، وبالتالي يبنى عليه.
الشعور العام أننا تجاوزنا ذلك إلى هذا، لكن بعض الأحداث والخطوات، ويرجى أن تكون مؤقتة وطارئة، ما زالت تشير إلى أن البعض ما زال يميل إلى المظهري حتى لا يقال «الاستعراضي».
الاستعراضي هو النزوع إلى استكمال الشكل من دون الالتفات إلى المضمون، والخطورة هنا أن الاستعراضي يشيع حالة من الرضا وكأن الطموح تحقق، فيما أن المحتوى غائب، والأثر غير حاضر، وقد لمسنا هذا لدى البعض، في بعض المؤسسات الرسمية والخاصة، وكذلك لدى بعض الأفراد. الإصرار على التبعيض تجنباً للتعميم، ففي بلادنا من يشتغل ويصل ويحقق النتائج المفيدة المذهلة.
لمسنا ذلك لدى البعض حتى ونحن نحتفل بأعوامنا المتخصصة، من «الهوية» إلى «الابتكار» إلى «القراءة»، فالبعض احتفل ولم يحتفل، وكل ما قدم لم يتعد الاستعراض المفرغ من مضمونه، وبالتالي، لم ينتج ولم يبن عليه، فكان بلا أثر حقيقي، وسرعان ما ذهب مع الريح كما يقال.
يقال هذا عن غياب التعليم المستمر والتدريب عن بعض مؤسساتنا، اللهم إلا الشكلي والاستعراضي، ويمكن استحضار عنوان التوطين في الإمارات أنموذجاً شاهداً. الكثير من المؤسسات من مختلف القطاعات والاختصاصات يذهب، عن عمد وسابق إصرار، إلى ما يسمى «التوطين الصوري»، وقد ضبط بعض البنوك خصوصاً متلبساً وهو يوطن ولا يوطن، حتى وصل إلى توظيف مواطنين في الدرجات الدنيا، وإلى تركهم في بيوتهم من دون دوام، فظاهرياً: هناك توطين وتلبية للنسبة السنوية التي كانت مطلوبة في مرحلة من المراحل، وفعلاً: لا توطين.
ولدى بعض المؤسسات اهتمام صوري باللغة العربية، حيث يرفع الاهتمام بلغتنا الأم كشعار براق، لكن لا عمل ولا نتيجة. مدارس وجامعات ترفع شعار اللغة العربية، لكنها لا تعتمدها لغة تعليم، ووزارات ودوائر ترفع شعار اللغة العربية وتعلقه على الصدور والجدران، لكنها لا تعتمدها شرطاً في سوق العمل.
حادثة شاطئ شعم في رأس الخيمة تعيد عنوان «الاستعراضي» إلى الواجهة، وتشير بقوة إلى المراد: قبل حملة التنظيف ترمى المخلفات عمداً، لتكون حملة التنظيف استعراضية بامتياز، وجميل أن الأهالي رصدوا وصوّروا، ولطيف أن الجهة المعنية بادرت إلى التوضيح في شفافية عالية نحو محاسبة المسيء، لكن الواقعة، من دون شك، تصلح مثالاً نادراً وصارخاً ل«الاستعراضي».
ebnaldeera@gmail.com