مقالات عامة

الصومال بين أزمتين

فيصل عابدون

تعيش الصومال تداعيات أزمة أمنية متصاعدة أبرز مظاهرها انبعاث جديد لحركة الشباب الإرهابية المتطرفة التي كثفت أنشطتها طوال الأسابيع الماضية وشنت عمليات نوعية بتكتيكات تختلف كثيراً عما اعتادت عليه، في مقابل تراجع مستويات المواجهة من قبل القوات الأمنية الصومالية وقوات الاتحاد الإفريقي المنتشرة هناك. وبالتزامن مع الأزمة الأمنية تشهد الصومال أيضاً أزمة إنسانية متنامية تهدد بوقوع نصف مليون شخص ضحية للجوع حسب تقديرات الأمم المتحدة.
حركة المتطرفين التي منيت بهزائم كبيرة لم تنكفئ على نفسها وتتراجع لكنها تحقق تقدماً مطرداً ومقلقاً. فقد استبدلت الحركة استراتيجيتها القتالية التقليدية القديمة باستراتيجية جديدة، تقوم على مبدأ إخلاء المدن واستدراج القوات الحكومية وقوات الاتحاد الإفريقي لدخولها وإنشاء قواعد ثابتة فيها وتشتيت قوة الخصم وإجباره على الانتشار على مساحات شاسعة، ثم الهجوم على خطوط إمداده وضرب مواقعه الثابتة واحدة فواحدة من دون أن تتمكن الوحدات العسكرية الأخرى من تقديم العون والمساندة في الوقت المناسب. الأسلوب الذي تعتمده الحركة حالياً هو أسلوب حرب العصابات، وهو يقوم على مبدأ اضرب واهرب والتحرك بوحدات صغيرة مجهزة بالأسلحة الخفيفة والمتفجرات والألغام. يقوم على مبدأ اكتساب ثقة الجماهير والظهور بمظهر المدافع عن مصالحهم.
ومن الملاحظ أن الحركة في الآونة الأخيرة ركزت في هجماتها على المواقع العسكرية واستهدفت الجنود والقادة بشكل أساسي وتجنبت إيقاع أي خسائر بين المدنيين في مسعى لاستمالتهم واتخاذهم في مرحلة تالية حاضنة لنشاطاتها العسكرية.
الأزمة الأمنية يفاقمها ضعف المواجهة العسكرية بالإضافة إلى عدم تحسن الوضع الاقتصادي للمواطنين . فالحركة المتمردة المسلحة تتغذى من مشاكل تعانيها الدولة وتعيد طرح نفسها بديلاً وتسعى لاكتساب الشعبية وسط الجماهير الغاضبة والمحبطة.
وتشير نورا فارح جامع النائبة في مجلس الشيوخ للبرلمان الفيدرالي الصومالي إلى أن الانتكاسات الأمنية التي منيت بها الصومال مؤخراً سببها الاعتماد على القوات الإفريقية وعدم تفعيل القوات الوطنية، ووصفت خروج مناطق كانت تديرها الحكومة الصومالية منذ 6 سنوات عن سيطرتها بأنها كارثة، وأوضحت أن الشعب الصومالي كان يتوقع أن تحرز الحكومة الفيدرالية مزيداً من التقدم لا أن تتراجع عن الإنجازات التي تحققت، مشيرة إلى أن ذلك محبط لآمال الشعب.
وأظهرت قائمة الشفافية الدولية هذا العام الصومال بلداً غارقاً في الفساد رغم التحسن الذي طرأ على موقعه العام الماضي. ويقول المراقبون إن السبب يعود إلى فشل الحكومة في الإيفاء ببرنامجها الإصلاحي وتعثر تشكيل مؤسساته المتمثلة في لجان مكافحة الفساد وخدمة القضاء والمحكمة الدستورية.

Shiraz982003@yahoo

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى