أعراسنا الجماعية
عبدالله الهدية الشحي
تشكل الأعراس الجماعية حراكاً اجتماعياً تتجلى فيه أروع صور التعاون والتكاتف والشراكة المجتمعية بين كافة شرائح المجتمع ومؤسساته وتعتبر من أبرز عوامل تشجيع الشباب على الزواج وحثهم على بناء أسر مستقرة تنعم بالسعادة والرخاء بعيداً عن هاجس الديون التي قد تسببها الأعراس في ظل ارتفاع تكاليف الزواج ومتطلباته المبالغ فيها عند بعض الأسر وتباين هذه المبالغة في التكلفة التي تتجاوز حد إسراف الإسراف بين عرس وعرس، حيث تتجاوز تكلفة العرس أحياناً مليون درهم هذا غير تكاليف احتفال عقد القران الذي يكلف العريس وأسرته ما يقارب نصف المليون درهم، ونحن إذ نورد هذه الأرقام لا بد أن نؤكد واقع الحال المؤلم عند من يحاول تقليد ما تقوم به بعض الأسر التي أنعم الله عليها بالوفرة المالية والتي لها حرية التعبير عن فرحها بأي تكلفة، ما دامت تستطيع إلى ذلك سبيلاً، وإن كنا لا نجد مبرراً لها حين تصل بعرسها إلى هذا المبلغ الخيالي من الدراهم، الذي يذهب أغلبه سدىً بين عشية وضحاها في الوقت الذي يمكن الاستفادة منه على أقل تقدير بتوظيفه كرأس مال لأي مشروع مستقبلي يستفيد منه العريس وأسرته الجديدة.
رائع أن تحتفل الأسرة الإماراتية بابنها عريساً كيفما تشاء على حسب مستواها المعيشي، وأن يحتفل العريس بليلة عمره وفق ما يرى دون أن يشكو في الغد القريب جداً من هم الديون وتراكمها على كاهله جراء قرض البنك الذي اقترضه كي يقال بأن حفل زفافه كان مسكوناً بالبذخ، وأنه أقام عرساً لم يسبقه إليه أحد وهو الذي سمع ما قد قيل ويقال عن ارتفاع تكلفة حفلات زفاف من سبقوه وهو الذي يرى بأم عينيه الآن كيف أضحت أحوالهم جراء إسرافهم الذي كان ضمن بوتقة ما لا يلزم ولكنه قادهم إلى ما يلزمهم التقتير والشكوى والبحث عما يسد رمق معيشتهم بعد زواجهم، فكم هو رائع حال ذاك الزفاف الذي لا يحمل العريس ما لا يطيق وإنما يحفزه لأن (يمد لحافه على قد رجليه) وكم هو أجمل من ذلك وأروع حين تحتفل المنطقة أو الإمارة أو الدولة بأبنائها عبر الأعراس الجماعية لما لهذه الأعراس من جوانب إيجابية في كافة النواحي خاصة في جانب اللحمة المجتمعية الوطنية التي تتجسد من خلال هذه الأعراس بمعانيها السامية فيبلغ فيها المجتمع درجة راقية من درجات أحوال النظرة الثاقبة للأمور الحياتية ومنزلة عالية في معايير حالات فن إدارة الحياة.
يحدث كل هذا الحراك المجتمعي الناجح والمفيد في أعراسنا الجماعية بفضل المولى سبحانه وتعالى ثم بفضل قيادتنا الرشيدة والحكيمة التي لا تقف عند حد التشجيع والتوجيه والدعم والرعاية، بل تتعدى كل هذه الحدود وتشرك أنجالها في هذه الأعراس وهي القادرة بلا شك على إقامة حفلات أعراسهم على بساط من الدر والألماس وفي جو ملؤه الورد والعطر والترف والفخامة وما طاب ولذ من الموائد، وقد رأينا أمس الثلاثاء ذاك العرس الجماعي الرائع بكل مقاييس الروعة والذي أقيم في قاعة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «البيت متوحد» في منطقة أذن برأس الخيمة وهو يضم 167 من أبناء دولتنا الحبيبة من بينهم سمو الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي ولي عهد إمارة رأس الخيمة الذي أبى إلا أن يكون واحداً من هؤلاء العرسان ضارباً بذلك أروع الأمثلة في لحمتنا الوطنية ومثالاً يحتذى به للشباب بشكل خاص وللمجتمع بشكل عام لتستمر فرحة الوطن.
aaa_alhadiya@hotmail.com