الصورة بألف كلمة
يوسف أبولوز
ليست الصورة الفوتوغرافية الضوئية مجرد إمساك باللحظة إلى الأبد بعين الكاميرا فقط؛ بل، هي أيضاً بمثابة نص، أو قصيدة، أو حتى منحوتة أو «سردية» بصرية أو قد تصل إلى كونها قصة قصيرة، أو لوحة مكثفة في صورة.
مجموعة الصور في الكتيب الخاص بالأعمال الفائزة في الدورة السابعة ل«جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي» والذي جاء بعنوان «اللحظة» هي مجموعة إنسانية بالدرجة الأولى. عبقريات تصوير تتجاوز وتتحاور أيضاً. لقطات حية هي شهادات ملونة وباللونين الأبيض والأسود تحكي قصصاً من العالم. من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب. إبداعات عالية القيمة الجمالية والإنسانية. تكثيف للبشرية والكائنات والأشياء. كل ذلك لا تمسك به الكاميرا فقط؛ بل وتحوله إلى حياة ولغة وكلام.
توزعت صور «اللحظة» على محاور عدة: محور اللحظة، محور الفاصل الزمني= تايم لابس=، محور ملف مصور= قصة تروى=، المحور العام.. الأبيض والأسود، المحور العام..، الملون،.. وفي كل محور يتكشف الزمان والمكان في «لحظة»؛ بل يتمددان إلى تواريخ وجغرافيات وثقافات وشعوب.
كتيب ضم حوالي الثلاثين لقطة أو صورة أو «لحظة» يصلح فعلاً إلهاماً للشاعر والكاتب والصحفي والروائي والرسّام. وأكثر من ذلك تأخذك «اللحظة» إلى حكايات وأوجاع وإنسانيات العالم.. وهذه بعض النماذج:
محمد الرّاغب من سوريا يقبض على الربيع في حلب كمن يقبض على الجمر. نار حمراء ودماء وهلع. وجنون مرعب هو جنون الحرب.
كي. إم. أسد من بنجلاديش يلتقط درب الآلام لمجموعة من نساء وأطفال الروهينجا هي أيضاً درب الهرب من جنون آخر هو جنون العنف.
بوريانا كاتساروفا من بلغاريا تصور البشر الملفوفين بالبطانيات وكأنهم تماثيل سوداء متجاورة.. لكن هؤلاء ليسوا تماثيل.. إنهم بشر مهاجرون.
كوانهوي ليو من الصين يجسد قوة روح الإنسان وصلابته وإرادته الحديدية عندما يلتقط لحظة نجار صيني متقاعد يستمد قوته من قوة وليونة وحدة الخيزران.
زو دينغ من الصين أيضاً يحيط بلحظة النوم في قطار. إنه قطار النائمين. و..«..الكثير من الوقار والصفاء..».
.. وأخيراً، اخترت لك وجه امرأة كندية محفوراًَ بأقلام الزمن كما لو أنها جذع شجرة معمرة، صورة هي أكثر من لحظة؛ بل، زمن بأكمله أحاط به جاسم خليف.
بقدر ما تدفع هذه الصور إلى التأمل.. هي أيضاً لحظات إلهام، وصمت.. ودموع.. ألا يقال دائماً إن الصورة تعادل ألف كلمة.
yabolouz@gmail.com