مقالات عامة

الدعوة إلى الإجهاض

د. عارف الشيخ

حملت إلي إحدى الأخوات الغيورات مجلة تتحدث عن المؤتمر السنوي الرابع والثلاثين لقضايا السكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة أخيراً.
قالت الأخت: إن المشاركين دعوا في هذا المؤتمر إلى الإجهاض، وبعبارة صريحة إلى التخلص من الطفل الثالث.
– قلت: ليس كل المشاركين دعوا إلى مثل ذلك، لذلك فإن رجلاً مثل ماجد عثمان مدير المركز الديموغرافي عندما تحدث عن معدلات الزواج منذ العام ١٩٨٢ قال: لم يحدث تراجع في معدلات الزواج بل حدث انخفاض في حالات الزواج في عام ٢٠٠١، لذا فإنه يقترح فرض عقوبة على كل مواطن يتعدى إنجابه الطفلين.
وبعضهم رفض الإنجاب مطلقاً، لأنه في نظره يزيد من مشكلة البطالة، ويؤثر في النمو الاقتصادي.
– وفي المقابل نرى مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة يحرّم الإجهاض حتى لو كان الطفل مشوهاً، لأن الحفاظ على الجنين المشوه كالحفاظ على المولود المشوه.
– ونرى أيضاً أن القانون المصري يعتبر الإجهاض جريمة، إلا إذا كان الحمل يشكل خطراً على الأم فلا بأس بإسقاط الحمل.
– أقول: ما ذكره د. جمعة وأيده القانون هو عين ما قرره الشرع الإسلامي الذي تقول قاعدته المعروفة: «وجوب دفع الضرر الأكبر بضرر أصغر».
– إذن كيف تنعقد المؤتمرات للدعوة إلى الإجهاض في حين أن الشرع والقانون يحرمانه؟
هل يا ترى هناك مبرر لإباحته؟ أم هل هناك من يتجرأ على القول بجواز الإجهاض؟ نعم هناك جهات تتجر في عمليات الإجهاض، كما أن هناك دولاً أباحت الإجهاض رغم أنها دول مسلمة، والسبب أنها انجرفت مع التيار الإباحي.
– نعم كانت بواعث الإجهاض في البداية تحديد النسل، ولكنها اليوم ليست لتحديد النسل فقط، بل لإخفاء بعض الجرائم التي قد تترتب عليها فضائح أسرية.
– إن تحديد النسل المزعوم سابقاً ربما يمكن تعليله بأنه تنظيم للنسل بمعنى ألا تحمل المرأة حملاً متوالياً، بل بعد فترة وفترة حتى ترتاح وتستطيع تربية طفلها السابق كما يجب قبل اللاحق.
– لكن عندما يؤدي تحديد النسل إلى بتر الرحم والدعوة إلى عدم الإنجاب نهائياً، فإن ذلك يعني الوقوف في وجه القدر، والتجرؤ على رب العالمين الذي قال: «نحن نرزقهم وإياكم» فقدم الأجنة على الأطفال المولودين.
– وبالمناسبة فإن الإسلام الذي يحارب تحديد النسل وعدم الإنجاب يحارب أيضاً الفوضوية في الإنجاب، فليس بصحيح أن ينجب أحدنا كتفريخ الدجاجة للبيض، ثم يرميهم في الشارع، ويركض وراء شهواته.
– فمسؤولية التربية قبل شهوة الإنجاب، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: «تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة». لم يرد بذلك أن يباهي بأمة جاهلة لا تعرف أمور دينها، ولا تلتزم بقواعد الحياة.
إن الإنسان تربية وقيم، والوالدان وعاء تلك التربية وحضانة تلك القيم، فليتق الله من يدعو إلى تحديد النسل، وليتق الله أيضا من يدعو إلى الإنجاب من غير أن يتحمل مسؤولية أسرته.

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى