معاقبة ربع العالم!
علي قباجه
بدأت الولايات المتحدة تنفيذ وعيدها بمعاقبة الدول التي وقفت ضد القرار الأمريكي المجحف بالاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، فواشنطن بالفعل شرعت بخطوات عملية لمعاقبة قرابة 40 دولة صوتت ضد القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول 2017، وذلك بتقديم مشروع يجعل المساعدات التي تمنحها لهذه الدول الفقيرة مشروطة بدعم سياسي، وابتزازها بالأموال التي تقدمها لها لشراء ذممها في المحافل الدولية.
فما كشفته مجلة «فورين بوليسي» عن أن المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي تقدمت بمشروع يترجم تهديداتها بمعاقبة الدول التي لا تدعم الولايات المتحدة في الأمم المتحدة وبسبب وقوف هذه الدول ضد واشنطن و«إسرائيل» في الأمم المتحدة، يوضح مدى الغل الأمريكي والتزامها الثابت بدعم مغتصبي الأرض، ويظهر جلياً أنها لا يمكن بأي حال أن تكون طرفاً نزيهاً في الصراع.
المشروع الأمريكي جاء بعد قطع المساعدات عن وكالة «أونروا»، ويبدو أن البيت الأبيض قد وضع خططه فعلياً لإنتاج «صفقة قرن» مصممة على المقاس «الإسرائيلي»، مستخدماً قطع الأموال عن الدول الفقيرة أو اللاجئين وسيلة للتطبيق، لقطع أي ظهير مناصر للقضية، وهو ما يحطم الدعاية الأمريكية التي رددت دائماً أنها نصيرة للمظلومين.. فاللثام قد أميط.
لا بد من التسليم بأن أمريكا لا يمكن أن تكون نصيراً لأي حق، فالمفترض بالسلطة الفلسطينية أن تقاطعها كما وعدت، وأن لا يكون هناك اجتماعات تنسيقية بين الطريفين، وسحب البساط من تحتها وعدم قبولها كطرف في أي حل مقبل، فالحلول الأمريكية مبتورة.
ويتحتم على العرب تدارك ما تسعى إليه أمريكا باستخدام أوراقهم الدبلوماسية الفاعلة، للضغط عليها لوقف حربها على قضيتهم الأولى، والوقوف إلى جانب الدول التي تعرضت للابتزاز وتعويضها اقتصادياً عما لحقها من أضرار جراء تصويتها لصالح القدس في الجمعية العامة.
ويطلب من المسلمين تفعيل قوتهم، لإيجاد كيان حام للقدس بشكل حقيقي، أو إعادة هيكلة سياسات منظمة التعاون الإسلامي لتصبح أشد بأساً وذات كلمة نافذة في السياسة الدولية، فالمؤتمرات اليتيمة غير كافية، فلا بد من امتلاكها لصلاحيات واسعة تناور من خلالها، لمواجهة البطش الذي تتعرض له فلسطين.
القضية الفلسطينية باقية حية بهمة رجالاتها، ومهما حيكت المؤامرات «الإسرائيلية» والأمريكية فإنها ستتحطم على صخرة صمودهم.
aliqabajah@gmail.com