الإمارات والكِتَاب
مريم البلوشي
تنتقل الحضارات من مكان إلى آخر، وتتجلى العلوم في قدرتها على خدمة الإنسانية باختلاف أماكنها ولغتها وجنسيتها. تتجلى السعادة في القلوب حين تصبح منيرة بحب يتجاوز حدود المكان إلى اللانهاية، في عوالم تنقلك لعقول مختلفة ومتفاوتة، تتجلى فيها التجارب والحقائق، الفرح والمعاناة، الفشل والنجاح، التاريخ في تفاصيله والعالم في متغيراته، البشر في كل ما يمرون به، والحياة في كل ما يحصل فيها اجتماعياً، وثقافياً، سياسياً وتاريخياً.
اليوم تقف دولة الإمارات على قائمة معارض الكتب، تحلّ كدولة ضيفة عزيزة على معرض الرياض الدولي للكتاب، وتحلّ الشارقة عاصمة الثقافة والحضارة الفكرية في الدولة ضيفة عزيزة على معرض باريس الدولي للكتاب، محدثة بذلك كل هذه التظاهرات حركة ثقافية يشاد بها، ونقلة لماهية العلوم المحلية، وكتابنا لتصبح منتشرة ومعروفة على الخريطة العالمية، لم يأت ذلك من فراغ، بل بجهود استمرت سنوات يبذل فيها الكثيرون من طاقاتهم واجتهادهم في صورة منتقاة ومهمة لتفاصيل هذه الدولة التي تكبر في مجالات مختلفة كل يوم، فالإمارات ليست مجرد مبان شاهقة وناطحات سحاب وفعاليات، بل ترجمة حقيقية لماهية بناء الإنسان من خلال جعله يدرك أهمية الكتاب وأهمية النضج الفكري الثقافي في استمرار العطاء.
الإمارات تصدر اليوم الأفكار، الكتب، المواهب، العقول والقلوب أيضا، تجعل حالة الفضول مستمرة لدى الكثيرين لتحدث حالة من البحث الدائم لدى الآخرين عن هذه الدولة الفتية الشابة. تصدر اليوم الكتب التي تترجمها عن كتابها وتستقبل كل العقول التي تحدث فرقا في الإنسانية، تبدع في استضافاتها وتفتح ذراعيها للجميع ممن يحمل شعار التسامح والتقبل والحياة. اليوم نحن نرى الكثير من الفعاليات التي تحدث في وقت واحد في الرياض وباريس، في عاصمتين مختلفتين، لكننا متواجدون لنكون جسراً من الحب، اليوم الكتاب والكتّاب الإماراتيون يساهمون في تغيير البوصلة القرائية، بوصلة النشر، وبوصلة الإبداع ليكون لهم أيضاً دور، وهذا الدور يأتي دائماً بمسؤولية، فمن يجعل اسمه على كتاب ويكتب «كاتب من الإمارات» يحمل مسؤولية أنه سيقرأ له الكثيرون، من مختلف الجنسيات، وأنه يصدر هوية وطن وثقافة خاصة به وبوطنه الذي أعطاه حق النشر والتواجد أيضا، فهل نعي كيف أنها مسؤولية كبيرة تحتاج ألا نتوقف عن البحث، القراءة والتجدد؟ هل نعي كيف أن أوطاننا وقادتنا حريصون على أن يوفروا لنا وطناً فيه من كل رموز الفخر وفي كل مجال ما يجعل الآفاق مفتوحة أمامنا، لا يتوقف الجيل عن المضي، وكل جيل يستحق أن يمد يده لمن بعده وقبله لنستمر في الإرث المتواصل المتجدد.
كل عام والإمارات والشارقة حاضرة في قلوب القراء والمثقفين، شكراً لكل من مثّلنا ككتّاب وإماراتيين خير تمثيل.
Mar_alblooshi@hotmail.com