مقالات عامة

أسئلة التفجير والمصالحة

يونس السيد

محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله عن طريق تفجير موكبه لحظة دخوله إلى قطاع غزة قبل أيام، تطرح الكثير من علامات الاستفهام، بقدر ما تثير الكثير من الأسئلة عما آلت إليه الساحة الفلسطينية، ومعها القضية الوطنية من فوضى وارتباك وتخبط في ظروف بالغة الحساسية والتعقيد.
من حيث المبدأ، عمليّة التفجير، قطعاً مدانة ومستنكرة، أياً كانت الجهة التي تقف وراءها، فالاغتيال لن يحل الخلافات في الساحة الفلسطينية، وهو على العموم خارج الإرث الفلسطيني، ولكن أكثر ما يلفت الانتباه هو التداعيات التي أعقبت عملية التفجير، وانعكاس ذلك على الساحة الفلسطينية وعملية المصالحة التي لم تغادر عملياً العناية الفائقة.
هناك من تحدث عن تفجير المصالحة بالضربة القاضية، ويحمّل المسؤولية لحركة «حماس» باعتبارها المسؤولة عن الأمن في قطاع غزة، ويطالب بتسليم ملف الأمن للسلطة، وهناك من يتحدث عن أجندات خارجية، ويربط بين عملية التفجير بمحاولات خلق قيادة فلسطينية بديلة، تزامناً مع مؤتمر واشنطن حول تحسين الظروف الإنسانية في قطاع غزة، وفي خضم هذه التداعيات، جرت اتهامات متبادلة، ووضعت شروط أخرى مضادة لإتمام عملية المصالحة، لكن أحداً لم يشر بوضوح أو يوجّه الاتهام مباشرة إلى الاحتلال وعملائه، باعتباره صاحب المصلحة الحقيقية في إثارة الفتنة وصب الزيت على النار، بهدف إضعاف الموقف الفلسطيني وتأجيج الصراع الداخلي، وصولاً إلى هدفه الجوهري وهو تصفية القضية الفلسطينية.
ولعل الاقتراح «الإسرائيلي» بتصفية «الأونروا» وتحويل تبعية اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية التابعة للأمم المتحدة، مؤشر واضح على هذا الاتجاه، ناهيك عن «صفقة القرن» المنتظرة وما تحمله من شطب لـ «حل الدولتين» وفقاً ل «نيويورك تايمز»، وقبلها الاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل» وتهويد المقدسات في القدس والخليل وغيرهما، وتشريع الاستيطان، والتقارير المتواترة عن مساعي اليمين المتطرف لضم الضفة الغربية نهائياً إلى «إسرائيل».
الغريب أنه وسط كل هذه المخاطر والأخطار، فإن ما يشغل القيادات الفلسطينية، هو الاتهامات المتبادلة ومحاولة إخضاع كل طرف لشروط الطرف الآخر بذريعة إتمام المصالحة التي لا يمكن أن تكتمل أو ترى النور في ظل انعدام الإحساس بالمسؤولية الوطنية للأطراف كافة. وبدلاً من تضييع الوقت في تبادل الاتهامات والاشتراطات، كان يمكن لقيادات غزة ورام الله أن تتفق على تشكيل لجنة تحقيق مشتركة في محاولة اغتيال الحمد الله، بهدف الوصول إلى الجناة الحقيقيين ومحاسبتهم، ولكن قبل ذلك وبعده الجلوس للتفاهم على مستقبل وطن وقضية أصبحا في مهب الريح.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى