آمال تغير المناخ تتبخر
اندريا فينتو*
تبخرت الآمال الكبيرة في التوصل إلى تفاهم تاريخي لاحتواء الاحترار العالمي، في أعقاب تصريحات قادة العالم التي سبقت مؤتمر الأمم المتحدة الأخير في بون، حول تغير المناخ.
«مناخ» الثقة الذي أحاط المؤتمر- الذي انعقد في بون من 6 إلى 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وعُرف رسمياً باسم الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر الأطراف، ورَأسَتْه دولة فيجي – سرعان ما تبدّدَ، عندما رأى خبراء البيئة ما تحقق فيه، إن كان قد تحقق أيّ شيء.
وقد انصبّت الانتقادات على التقاعس عن إنشاء «لجنة مراقبة امتثال» أو «آلية جزاء» ضدّ الدول التي لا تحترم الالتزامات التي تعهدت بها.
ومن الناحية العملية، ليست هذه الاتفاقات ملزمة قانونياً، ولا يرتبط تطبيقها إلاّ بالحساسية البيئية والتصميم السياسي لدى الحكومات المختلفة، ولكنها مع ذلك، تتأثر بشدة على الأرجح بمصالح اقتصادية هائلة، ولا سيّما مصالح الشركات المتعددة الجنسيات في مجال الطاقة، وصناعات السيارات.
وقد انتهى مؤتمر بون، الذي اعتقد كثيرون بأنه كان ينبغي أن يُسرّع العمل ويضع ضوابط أكثر صرامة، على إجراءات مكافحة تغير المناخ، انتهى دون أي قرار رئيسي.
كان ذلك فشلاً معلناً جزئياً، وهو ما أكده غياب أهم قادة العالم (باستثناء المستشارة الألمانية، انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون)، والسيرك الإعلامي العالمي الكبير، الذي تخلى عن هذا الحدث إلى حدٍّ كبير.
وفي واقع الأمر، لم تتخذ أي قرارات مهمة في ما يتعلق بما يلي:
– آلية للتعويض عن الخسائر والأضرار.
– تمويل إجراءات التعويض الرامية إلى حث الدول النامية على خفض الانبعاثات.
– شفافية التمويل الذي يُمنح لتطبيق تدابير الحدّ من الانبعاثات والتكيف معها.
وتعزى المسؤولية عن الفشل بشكل رئيسي إلى الأنانية الوطنية لمعظم البلدان الصناعية، التي، على الرغم من ادعائها بأنها تريد المضي قُدُماً بغض النظر عن مواقف ترامب، ميّزت نفسها بغيابها أو تصريحاتها «المبهمة». خذ ميركل، على سبيل المثال، التي قالت في البداية إن «مسألة المناخ تشكل تحدّياً مركزياً للعالم، ومسألة للمصير البشري» قبل أن تغير مسارها بعناية، قائلة: «إن إغلاق محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم الحجري، مشكلة اجتماعية، يجب التعامل معها بهدوء»، الأمر الذي أدى في الواقع إلى إرجاء إزالة الكربون من الطاقة في بلادها إلى أجل غير مسمّى.
فكيف يمكن عكس مسار تغير المناخ؟ إن الاحترار العالمي وتغير المناخ- بالتزامن مع التصاعد المقلق في ظروف الطقس المتطرفة – ليسا مجرد مسألة همٍّ أكاديمي. إنهما ظاهرتان على درجة من الخطورة، إلى درجة أنهما تدمران حياة المواطنين العاديين – وعلى سبيل المثال، تؤثران على الإنتاج الزراعي، وتخلقان عواقب تشكل تهديداً للحياة بالنسبة إلى مزارعي جنوب العالم، الذين يُضطرون على نحو متزايد الآن، إلى التخلي عن أراضيهم العطشى، سعياً إلى الأمل في البقاء على قيد الحياة في مكان آخر.
والهجرة لأسباب مناخية، تتصاعد بصورة دراماتيكية، إلى درجة أن 23.5 مليون إنسان شملتهم هذه الظاهرة عام 2016.
إن الوضع يزداد دراماتيكية باطّراد، وأوقات التدخل تتقلص بصورة متزايدة، ولذلك فإن تعمّد الإبهام والغموض، من قبل زعماء العالم، ليس له أي مبرر.
من الضروري التدخل سريعاً، وبإجراءات حاسمة تهدف إلى التغلب على نموذج التنمية الحالي القائم على السعي غير المحدود إلى النموّ والاعتماد على المصادر الأحفورية.
ومن الضروري التحرك الآن دون تردد، قبل فوات الأوان، وقبل أن يصبح التغير في نظام الأرض لا رجعة عنه: فالمسألة لا تقتصر على مصير البيئة والكوكب وحسب، بل على البشرية جمعاء.
*أستاذ جامعي إيطالي. موقع: «يوراسيا ريفيو»