أحياناً… رمضان وترامب!
عبدالعزيز السويد
وما علاقة ترامب بشهر رمضان المبارك؟ سؤال وجيه أجيب عنه. في خطاب حفلة تنصيب الرئيس ترامب قال: «إننا لا نسعى إلى فرض طريقة حياتنا على أحد، ولكننا بدلاً من ذلك نسعى إلى جعلها تشرق مثالاً يحتذي به الآخرون، وسنبرز متألقين ليقتدي بنا الجميع».
والداعي إلى هذا الربط سؤال يطرح نفسه بإلحاح: ألسنا نحن المسلمين أولى بأن نجعل حياتنا تشرق مثالاً يحتذي به الآخرون… ليقتدي بنا الجميع؟ وليس القارئ في حاجة إلى حصر الأسباب الموجبة والحاضّة لأن نكون كذلك ومن معين عقيدتنا وجوهرها.
صحيح أن المسلمين في حال من الضعف في كل مناحي الحياة، وهم ليسوا على كلمة سواء، إذا أخذناهم دولاً وشعوباً، لكنهم يجمعون على صحة حد أدنى من الثوابت ووجوبه، إلا أنك لا ترى أثراً صريحاً واضحاً لهذه الثوابت في تعاملاتهم داخل مجتمعاتهم.
يفرض شهر رمضان الكريم انضباطاً على الفرد المسلم، يتجاوز الصيام عن الأكل والشرب في أوقات معلومة إلى جملة من ضوابط التحلي بالأخلاق الحميدة في تعاملات الفرد مع محيطه من أفراد ومجتمع. وإذا كان في صيام الفرد وعي وتجربة بمعاناة الجوع والظمأ فهو أيضاً وعي بأوضاع الآخرين من الفقراء والمعوزين ممن حوله أو بعيداً منه.
لا شك في أن الوصول إلى هدف كبير، مثل أن يقتدي بنا الجميع، طريق تحقيقه طويل وشاق، ونحن نرى حال المجتمعات الإسلامية في تعاملات أفرادها مع بعضهم، مقارنة بتعاملات أفراد في مجتمعات أخرى لا توصف بالإسلامية.
هذه الفروق تراها في أبسط الأمور الحياتية اليومية، ومن الأسباب أنه حتى لو فرض نظام يعالج العلاقات بين الأفراد وبينهم وبين المجتمع لا يحترم تطبيقه والالتزام به، بل إن هذا الشق المكشوف ليس من الأولويات الملحة رتقه وإصلاحه.
فكيف نريد أو حتى نحلم بأن يحترمنا الآخرون فضلاً عن الاقتداء بنا؟ هل يكفي قول: الإسلام يقول كذا؟ طبعاً هذا لن يقنع أحداً، إن بداية التقدم الحقيقي هي في فرض الأنظمة التي تحقق العدل وحسن التعامل بين أفراد المجتمع وتحفظ موارده التي يشترك في خيراتها الجميع. والمشكلة في بلاد المسلمين أن إصدار نظام لا يعني أن العمل به التزاماً واحتراماً أصبح واقعاً، لأن حراسته وحفظه في شكل مستمر يشكوان من الضعف والإهمال.