أزمة نوكيا 301
وحيد عبد المجيد
عاصفةُ عنيفةُ هبت على رئيس الحكومة الهولندية مارك روته لسببٍ غير مألوف فى الصراعات والأزمات السياسية. انتُقد روته، واستُجوب فى البرلمان، واقتُرع بالثقة على حكومته، بسبب استخدامه هاتف نوكيا قديما جدًا طراز 301. لا تتسعُ ذاكرةُ هذا الهاتف لأكثر من 20 رسالة. وهذا يعنى مسح الرسائل تباعًا، لكى يستقبل الجهازُ غيرها. ولهذا اتُهم روته بمخالفة قانونٍ يُلزمُ كبار المسئولين الحكوميين بتسجيل الاتصالات المهمة التى يتلقونها فى أرشيف الحكومة، ليتمكن أى عضو فى البرلمان من الاطلاع عليها إذا أراد. وتضمن رده شقين. أحدهما عام، وهو أنه يحرصُ على تسجيل الاتصالات المهمة قبل مسحها. والثانى شخصى، وهو أنه لا يحبُ الهواتف الذكية، التى يصفها بأنها ضخمةُ وقبيحة، فضلا عن أنها تستنزفُ المال. ومع ذلك، اضطر إلى شراء جهاز آى فون لإرضاء ناقديه. وبخلاف الشق العام فى رده، كان صعبًا على ناقديه المجادلة فى الشق الشخصى. روته معروفُ للجميع بأنه يعيشُ حياة متواضعة بسيطة فى كل جوانبها، وليس فيما يتعلق بالهاتف الذى يستخدمه فقط. بقى فى مسكنه الذى كان فيه قبل أن يصبح رئيسًا للحكومة، ويستخدمُ سيارته القديمة، أو دراجته المشهورة خلال توجهه إلى مقر عمله أو خروجه منه. وكان حراسُ القصر الملكى يستغربونه فى البداية عندما ذهب لمقابلة الملكة بواسطة هذه الدراجة، ثم تعودوا على المشهد بعد ذلك. وهو يمضى وقته كله فى العمل، ويعزفُ البيانو أحيانًا. كانت نزهته الأساسية الخروج لتناول العشاء أسبوعيًا مع والدته التى تُوفيت قبل عامين. ولكن هل خالف روته القانون؟ الجوابُ مُختلفُ عليه. لكن السؤال الأهم هو: لماذا هبت عليه هذه العاصفةُ الآن، رغم أن قانون تسجيل الاتصالات صادرُ قبل سنوات؟ ربما لأن معارضيه أعيتهم الحيل، بعد أن فاز فى كل الانتخابات التى أُجريت فى موعدها أو فى وقت مبكر منذ 2010، وتجاوز أزمات كبيرة اضطرته الأخيرة فيها إلى الاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة العام الماضى، بسبب تقصير حكومته فى توصيل مستحقات تتعلقُ برعاية الأطفال إلى بعض الأُسر. ولكن حزبه فاز بالأكثرية مرة أخرى، وبقى فى قيادة الائتلاف الحاكم.
* نقلا عن ” الأهرام”