أسطورة الإدارة
علي العمودي
صيف هذا العام، وضمن سلسلة وسم «علمتني الحياة»، غرد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، محدداً نوعين من المسؤولين، الأول «مفاتيح للخير، يحبون خدمة الناس، سعادتهم في تسهيل حياة البشر، وقيمتهم فيما يعطونه ويقدمونه، وإنجازهم الحقيقي في تغيير الحياة للأفضل، يفتحون الأبواب، ويقدمون الحلول، ويسعون دائماً لمنفعة الناس». أما النوع الثاني- كما قال سموه- «فهم مغاليق للخير، يُصعِّبون اليسير ويقللون الكثير ويقترحون من الإجراءات ما يجعل حياة البشر أكثر مشقة، سعادتهم في احتياج الناس لهم ووقوفهم بأبوابهم وعلى مكاتبهم، لا تنجح الدول والحكومات إلا إذا زاد النوع الأول على الثاني». عبارات واضحة بسيطة هي معادلة النجاح لأي مسؤول في أي مرفق وسعادة المتعاملين معه.
استعدت هذه الأقوال الحكيمة لفارس الحكمة والطموح والإيجابية بينما كنت أتابع مقطعاً مصوراً بثه مركز محمد بن راشد لإعداد القادة ضمن حلقات «صناع التغيير» عن رجل وُصف بأنه مدير القرن وأسطورة في الإدارة.
استحق ذلك اللقب جاك ويلش الذي تقاعد العام 2011 كرئيس تنفيذي لشركة «جنرال إلكتريك»، وحصل على أضخم مكافأة نهاية خدمة في العالم قدرها 417 مليون دولار. يقول الرجل في ذلك المقطع عن سر نجاحه، يجب أن تكون كريماً مع موظفيك، ولديك جينات الكرم، شعوراً بالسعادة، وأن تغمر العاملين معك بالترقيات والاستمتاع بنجاح الآخرين، يقول «كن سعيداً بإعطاء الزيادات والمكافآت لهم». يقول المقطع في عهده تضاعفت قيمة الشركة 4000 مرة، وحقق نجاحاً في جبهات وميادين عدة، داعياً المديرين والمسؤولين إلى الشعور بالحماس في العمل، وجعله متعة أكثر من كونه مجرد وظيفة، قائلاً لكل واحد منهم «كن الرئيس التنفيذي للفرح».
دعوات ورسائل ملهمة وتجارب أكثر إلهاماً، نتمنى أن تستوعبها تلك النوعية من المسؤولين والمديرين ممن ينشغلون فقط بأنفسهم، يعتقدون أن بقاءهم في مناصبهم رهن الاعتماد على الشللية والاتباع، فترى الأداء يتدهور والمعاملات تتعقد. وبدلاً من التطوير والارتقاء بالعمل، لا تتجاوز نظرتهم للمسؤولية أبعد من تغيير ديكورات مكاتبهم، متناسين أن أهم عوامل النجاح نشر الإيجابية بين الموظفين حتى يعطوا كل ما لديهم، وإشعارهم بأنهم شركاء أساسيين في النجاح. وكلنا أمل في أن نرى أكثر من جاك ويلش بيننا.