أصحاب المليارات يزدادون ثراء
بن دانغل *
وجدت منظمة أوكسفام الخيرية أن 82% من الثروة العالمية التي أنتِجتْ في العام الماضي، ذهبت إلى أغنى 1% من سكان العالم، أي أن أربعة من كل خمسة دولارات من الثروة التي تم توليدها عام 2017، ذهبت إلى جيوب الـ 1%.
«فريدة» مشغِّلة ماكينات خياطة عمرها 22 عاماً في مصنع للملابس في دكا، بنجلاديش. وكثيراً ما تعمل 12 ساعة في اليوم لإنتاج الملابس لعلامات تجارية مثل «اتش آند إم»، و«تارْجت». وفي بعض الأحيان، أثناء أوقات العمل المزدحمة، تكون ساعات العمل حتى أطول من ذلك.
تقول فريدة موضحة: «في العام الماضي عملتُ حتى منتصف الليل مدة شهر كامل، وكنت أشعر بأنني مريضة طوال الوقت. وكان يساورني القلق والتوتر بشأن ابني، وبعد أن أعود إلى البيت من العمل، كان عليّ أن أنظف المنزل، وأطهو الطعام ثم أعود إلى العمل مرة أخرى في صباح اليوم التالي. وكنت آوي إلى الفراش في الساعة الثانية صباحاً، وأنهض في الخامسة والنصف صباحاً كل يوم».
ولم يكن دخلها، بالإضافة إلى الدخل الذي يحصل عليه زوجها، يكاد يكفي عائلتها لتوفير الغذاء الذي تأكله. وفي الوقت نفسه، لم يكن أي مدير تنفيذي في أيٍّ من ماركات الملابس الشهيرة، يحتاج إلى العمل إلاّ أربعة أيام ليكسب ما يكسبه عامل في صناعة الملابس في بنجلاديش طوال حياته.
ورَدتْ قصة «فريدة» في تقرير أصدرته يوم الثلاثاء، 2018/1/23، منظمة أوكسفام التي تكافح الفقر. ويكشف التقرير، الذي يحمل عنوان «لنكافئْ العمل، لا الثروة»، كيف أن الاقتصاد العالمي يمنح القوة والسلطة للفئة الأغنى التي لا تزيد نسبتها في المجتمع على 1%، بينما يكافح مئاتُ الملايين من الناس من أجل البقاء.
وجدت أوكسفام أن 82% من الثروة العالمية التي أنتِجتْ في العام الماضي، ذهبت إلى أغنى 1% من سكان العالم. وبعبارة أخرى، فإن أربعة من كل خمسة دولارات من الثروة التي تم توليدها عام 2017، ذهبت إلى جيوب ال1%.
وفي حين أن مليارديراًَ جديداً كان يَنشأ كل يوميْن، لم يشهد ال3.7 مليار إنسان الذين يشكلون النصف الأفقر من سكان العالم، أي زيادة في ثروتهم في العام الماضي.
قالت «ويني بيانييما» المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام، «إن ازدهار أصحاب المليارات ليس علامة على ازدهار الاقتصاد، بل هو من أعراض فشل النظام الاقتصادي. فالناس الذين يصنعون ملابسنا، ويُجمّعون هواتفنا وينتِجون الغذاء الذين نأكله، يجري استغلالهم لضمان استمرار إمدادات السلع الرخيصة، وتضخّم أرباح الشركات والمستثمرين أصحاب المليارات».
وأفادت منظمة أوكسفام، بأن أغنى 42 شخصاً الآن يملكون ما يساوي الثروة التي يملكها النصف الأفقر من سكان العالم.
منذ عام 2010، نمت ثروة أصحاب المليارات سنوياً بنسبة، 13%، وهو معدل يزيد بمقدار ستة أضعاف على المعدل لمتوسط العمال.
ومن العوامل الرئيسية التي تساهم في تركيز الثروة، كما وجدت أوكسفام، تآكل حقوق العمال، وتأثير الشركات في صنع السياسات على الصعيد السياسي وعلى صعيد العمل، ومكافأة الثروة الموروثة، والتهرب الضريبي، وخفض التكاليف لرفع أرباح أصحاب الشركات إلى أعلى حدٍّ ممكن.
أوضح بول اوبريان، نائب رئيس أوكسفام للسياسة والحملات في أمريكا، قائلاً، «هنالك وضع كارثي ناجم عن التقاء عدة عوامل، يرفع القدرة التفاوضية لأولئك الذين هم في القمة، بينما يخفض القدرة التفاوضية لمن هم في القاع.. وإذا لم يتمّ التصدّي لمثل هذا التفاوت، فسوف يحاصر الناس في شرَك الفقر، ويزيد من تمزق مجتمعنا».
وأشارت أوكسفام إلى سياسات الرئيس ترامب باعتبارها توسِّع الهوّة بين الأغنياء والفقراء، وتمنح التمكين والقدرة لل1% على ظهور الطبقة العاملة الأمريكية.
ومنذ توليه زمام السلطة، اختار ترامب مجلس وزراء يضم من المليارديرات أكثر من أي وقت مضى في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تبلغ ثروتهم مجتمعة أكثر مما يملكه ال 100 مليون الأفقر، من الأمريكيين. واستشهدت أوكسفام بالإصلاحات الضريبية والرعاية الصحية، التي اقترحها ترامب، باعتبارها سياسات محابية للأغنياء غنىً فاحشاً.
وفي الوقت نفسه، يملك أغنى ثلاثة أثرياء أمريكيين، مقدار الثروة ذاته، الذي يملكه النصف الأفقر من سكان البلاد.
وأوضحت أوكسفام، أن «الأعمال الخطيرة، والقليلة الأجور للكثرة من الناس، تدعم الثروة الفاحشة للقلة. وتقوم النساء بأسوأ العمل، والأغنياء غنىً فاحشاً، جميعهم من الرجال تقريباً».
* بنيامين دانغل صحفي ومؤلف حائز على دكتوراه في التاريخ، ويعمل في أمريكا اللاتينية.
موقع: تَوارْد فْريدَم (نحو الحرية).