أوروبا تستخدم القوة العسكرية لوقف الهجرة
فينيان كانينغهام*
أخذ الاتحاد الأوروبي يستخدم القوة العسكرية في أفريقيا من أجل وقف موجات الهجرة إلى بلدانه، وذلك تحت قناع «مكافحة الإرهاب».
يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه الحملة، مدعياً في مؤتمر صحفي في باريس أن الإرهاب وتهريب البشر هما جزءان من مشكلة واحدة، ما يقتضي استخدام قوة عسكرية عبر القارة الأفريقية. وهذا الخلط بين القضيتين يثير مسائل قانونية وأخلاقية خطيرة. ولكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي مستميت من أجل وقف الهجرة غير المشروعة إلى بلدانه، لدرجة أنه بدأ عسكرة المشكلة في أفريقيا تحت ستار «محاربة الإرهاب». وهذا يعادل إمبريالية أوروبية جديدة، من حيث أن الاتحاد الأوروبي يحاول معالجة مشكلات اقتصادية -اجتماعية ذات جذور عميقة بقوة السلاح. ليس هذا فحسب، بل إن القوى الأوروبية تستخدم أساليب قاسية من أجل التعامل مع مشكلات تتحمل هي ذاتها مسؤولية التسبب بها.
وهذه المقاربة لن تفعل سوى مفاقمة مشكلات إنسانية يعانيها ملايين من الناس الفقراء والفارين من مناطق حروب. وبغطرسة الإمبريالية المعهودة، الاتحاد الأوروبي لا يتصدى للأسباب الحقيقية للمشكلة: دوره في تمزيق المجتمعات الأفريقية نتيجة لحروب غير مشروعة ونهب اقتصادي.
ورد الفعل المذعور عبر الاتحاد الأوروبي على تشكيل حكومة جديدة في النمسا بقيادة المستشار الشعبوي اليميني المتطرف سيباستيان كيرتز يظهر أن بروز سياسات وقوى قومية عبر أوروبا يهز دولاً أوروبية، كما يبرز مشكلة الهجرة الكامنة على مدى طويل في الاتحاد الأوروبي.
ولكن القلق الأكبر في أوروبا، خصوصاً في ركيزتي الاتحاد الأوروبي ألمانيا وفرنسا، هو أن هذا التطور في النمسا يعزز المخاوف من موجات الهجرة الخارجة عن السيطرة إلى أوروبا، التي تثير بدورها مخاوف من صعود اليمين المتطرف عبر الاتحاد الأوروبي.
وهناك علامة أخرى على هذا القلق الأوروبي إزاء موجات الهجرة، هي محاولة فرنسا وألمانيا وإيطاليا تحويل مسألة المهاجرين واللاجئين إلى مسألة «مكافحة الإرهاب». وهذا التوجه للتعامل مع أزمة إنسانية باستخدام القوة العسكرية يتسم بالصفاقة ويستحق الشجب. ولكن حيث إن الاتحاد الأوروبي يلعب ورقة «مكافحة الإرهاب» المثيرة للعواطف والانفعالات، فإن النية الكامنة خلف ذلك هي إخفاء توجه لاأخلاقي ومثير للجدل خلف المظهر المخادع للتوجه الإنساني.
وفي منتصف ديسمبر/ كانون الأول، استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة في باريس وصفت بأنها قمة التصدي للإرهاب في منطقة الساحل، تلك المنطقة الصحراوية في شمال غرب أفريقيا التي تشمل مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد وموريتانيا. وقد استضاف ماكرون قادة الدول الخمس بحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جانتيلوني.
وأطلق ماكرون خلال القمة نداء من أجل جمع مساهمات دولية لتمويل قوة عسكرية تشكلها هذه الدول الأفريقية الخمس – وجميعها كانت في الماضي مستعمرات فرنسية. وتقضي الخطة الأوروبية بتشكيل قوة عسكرية تتكون من 4000 جندي من الدول الخمس، إضافة إلى العدد المماثل من القوات الفرنسية المنتشرة في المنطقة.
وهناك أيضا قوات خاصة أمريكية تعمل في المنطقة، كما كشفت ذلك واقعة مقتل أربعة جنود أمريكيين في كمين في النيجر، وذلك في أكتوبر/تشرين الأول.
*صحفي ورئيس تحرير يكتب لوسائل إعلام كبرى – موقع «استراتيجيك كلتشر»