احتفال غير حافل
عبداللطيف الزبيدي
هل حقّاً يحتفل العالم العربي اليوم باليوم العالمي للطفل؟ معجزة أن يتفق العرب على أن يتفقوا، إلاّ السودان فقد اختار الثالث والعشرين من ديسمبر. عموماً، الدول المحتفلة اليوم أربعون تقريبا، البقية آثرت أياماً أخرى.
لكن ما هو الاحتفال، وما هي جدواه إن كانت؟ في الجذر اللغوي فائدة. ثلاثي حفل يدلّ على الكثرة والاجتماع، فالمضامين كمّية، عدديّة: حفلت السماء أي اشتدّ مطرها، حفل الوادي بالسيل، ضرع حفيل وحافل أي ممتلئ لبناً. الاستدلال المنطقي يبعث على ترجيح أن «الدفعة» التالية من الصور التي صارت الغالبة، تمثلت في: الحفل بمعنى اجتماع الناس وكثرتهم. في الزينة، التي أصلها قولهم للمرأة: «تحفّلي لزوجك» أي تزيّني. الطريق المحتفل هو الظاهر الواضح، وحفلتُ الشيءَ صقلته وجلّيته. معنى الكثرة حاضر في كل حفل: «أيها الحفل الكريم».
أمّا القضايا الكبرى فالعرب لا يحفلون بها، حتى وإن احتفلوا بها، ومن بينها قضايا الطفل. منذ أمد بعيد طفق أهل العلوم التربوية والنفس والاجتماع، يثيرون عواصف الاهتمام لشؤون الطفل، ما يوهم غير العارفين بآليات العقلية العربية، بأن الصغار سيصحون غداً على جنّات المناهج تجري في جنباتها أنهار العلوم والمعارف. لله درّ سخرية لغتنا التي جعلت الأحلام بمعنى العقول أيضا، ما يجعل الأدمغة مصانع أوهام. أحلام الأمم التي تصنع التقدم الحضاري، تولد مشحونة بالإرادة لتتلقفها الإدارة الفائقة فوراً، لتجد طريقها إلى بيئة الابتكار والإبداع.
لا يعقل أن يدور بخلدك أن التربويين العرب لا يعرفون أن المناهج العربية المخللة منذ عشرات العقود، تجاوزها الزمن، وستصبح عصراً حجرياً بعد جيل أو أقل. فلماذا لا يتغير أي شيء. سيقولون إنهم ينتظرون القرار السياسي والميزانيات الضخمة. النظام العربي سينفي طبعاً أنه تسلّم أي مشروع. ثمّ إن مصابه في الأمن والاستقرار جلل. ستقول لك منظمة التربية والعلوم والثقافة العربية: عن أي تربية تتحدث؟ الأوطان نفسها تطير. الكبار أولى بالتربية.
لزوم ما يلزم: النتيجة المصيرية: مستقبل الطفل العربي تحدّد يوم قالت مادلين أولبرايت عن موت نصف مليون عراقي«شغلة حرزانة».
abuzzabaed@gmail.com