استبدال الرئيس زوما
فيصل عابدون
تمثل عملية استبدال رؤساء الأحزاب السياسية بالانتخابات الداخلية أو الانقلاب لحظة الذروة في احتدام الصراعات بين الأجنحة والقيادات المتنافسة داخل المؤسسة الحزبية. وعلى الرغم من أنها في الحالة الأولى قد تعزز قيمة التصحيح وأهميته للمسارات المنحرفة في ممارسات القيادة، وبالتالي تكرس الديمقراطية داخل المؤسسة، إلا أنها تكشف بشكل عام عن نقاط ضعف جذرية في استمرار الولاء والانسجام والثقة الشعبية. أما التغيير عبر الانقلاب على القيادات فإنه يقود بسرعة إلى تفكك المؤسسة وتلاشي وجودها.
وبالنسبة لما حدث في جنوب إفريقيا خلال اليومين الماضيين فإنه من غير المتوقع أن تؤدي عملية استبدال جاكوب زوما من رئاسة حزب المؤتمر الوطني واختيار بديل له، إلى نتائج فورية في تحسين الوضع الاقتصادي المتردي أو إنقاذ صورة القيادة التي تعرضت إلى أضرار كبيرة بسبب قضايا الفساد والفضائح الأخرى التي أحاطت بالرئيس زوما. على العكس فإن مراقبين اعتبروا عملية التغيير المهينة على أي حال مع احتفاظ زوما بمنصب رئيس ستقود إلى تعميق الانقسام في حزب أسطورة النضال الإفريقي نلسون مانديلا وربما مني بخسارة تاريخية في الانتخابات المقبلة في مواجهة المعارضة، خاصة بعد النتائج المخيبة التي حققها الحزب في انتخابات المحليات.
وظهرت بوادر الانشقاق منذ وقت مبكر في الصف القيادي وعلى مستوى القاعدة الشعبية بين تيار الرئيس زوما وتيار المعارضة الذي يشن حرباً لا هوادة فيها ضد فساد الرئيس وزمرته. وعمقت الانتخابات التي جرت على مدى يومين من حدة الخلافات، وكان السباق سجالاً بين جناح الرئيس زوما الذي مثلته في المنافسة زوجته السابقة نكوسازانا دلاميني والجناح المعارض الذي دعم نائب الرئيس سيريل رامابوزا. واعترف زوما في خطابه أمام مؤتمر الحزب بفقدان الولاء والثقة الشعبية في قيادته وحزبه، وقال إن «فشلنا في معالجة المشاكل بدأ يلقي بثقله على حركتنا، وشعبنا محبط لإهدارنا الوقت في الخلافات، بدل التصدي للمشكلات اليومية التي تواجهه».
تولى زوما الرئاسة في مايو 2009، خلفاً للرئيس السابق ثابو مبيكي. وهو الرئيس الثالث لجنوب إفريقيا بعد مانديلا ومبيكي. وكان مبيكي قد عزله من منصب نائب الرئيس في عام 2005 على خلفية اتهامات بالفساد. لكنه عاد ليتولى الرئاسة خلفاً له. وكان من المثير للدهشة أن يتولى المنصب خلفاً لمبيكي رجل الدولة المحافظ والنزيه، وبعد سنوات قليلة من اعتزال أسطورة الكفاح الإفريقي نلسون مانديلا. لكن الأشد إثارة هو نجاحه في البقاء والاستمرار في صدارة المشهد السياسي على الرغم من سلسلة الفضائح واتهامات الفساد التي لطخت سمعته وتسببت في تدهور شعبية الحزب.
Shiraz982003@yahoo.com