الأمن الغذائي ركيزة الحضارة
شيماء المرزوقي
جميعنا أو معظمنا سمع بطريقة أو أخرى عن التلوث وأيضاً عن التغير المناخي وطبقة الأوزون ونحوها، وأنها تهدد الوجود البشري على كوكب الأرض، لكن الحقيقة أن ما يشكل تهديداً للحياة على الأرض ليست محصورة بمشكلة أو اثنتين، بل هناك جملة من المشاكل التي نتجت وظهرت بسبب سوء إدارة الإنسان للموارد الطبيعية، مثل قطع الأشجار المبالغ فيه ورمي النفايات في المحيطات والصيد الجائر للحيوانات سواء في البر أو البحر.
ولكم أن تعلموا أن البعض من دول العالم يقوم بإيصال مياه الصرف الصحي إلى البحر دون أي معالجة ودون أي مراعاة للأضرار على الحيوانات والأسماك البحرية بل وعلى الإنسان نفسه، لأن النظام البيئي عبارة عن دورة وحلقة متصلة بعضها ببعض، فإذا حدث خلل في واحدة من جوانب هذه الدورة البيئية فإن الخلل يمتد إليها بأكملها، لذا الخلل في مجال حيوي مثل الزراعة ووجود أي عوائق أو مشاكل قد تحد من الإنتاج للمحاصيل والثمار الغذائية التي نعتمد عليها، تعتبر ناقوس خطر عظيم قد يهدد أي حضارة ومجتمع، وكتب التاريخ تذكر لنا أن العالم شهد منذ عهد الحضارة السومرية قبل 3800 عام وصولا لحضارة المايا في القرن التاسع، أن سبب انهيارها كان تدني الإنتاج الزراعي وانتشار الأمراض والآفات في المحاصيل الزراعية مما شتت الناس وسبب موجات من المجاعات أدت إلى الهجرة.
وفي هذا العصر نشرت الأمم المتحدة في عام 1991 دراسة توصلت إلى أن 552 مليون هكتار أي ما يعادل 38% من مساحة الأراضي الزراعية على كوكب الأرض أصابها التلف، بمعنى أن هذه المساحات الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة ستتوقف عن إنتاج المحاصيل والثمار والغذاء للناس، في الوقت الذي يتزايد أعداد سكان الأرض، ومثل هذه الصورة القاتمة لا تحتاج للمزيد من الشرح أو الوصف، فالأمن الغذائي ركيزة لا يمكن للعين أن تخطئها، وهي حاجة ماسة لا يمكن تجاهلها، لذا يعتبر التوجه نحو مشاريع التوسع الزراعي وتقديم مبادرات في هذا المجال وطرح حلول ومبتكرات أولى المهام لأي صانع قرار يريد لمجتمعه الاستقرار والنمو والازدهار، فالحضارة دوما تنمو وتزدهر مع الرفاه الذي لن يتحقق دون منظومة غذائية قوية.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com