غير مصنفة

الاستفزاز يصل حائط البراق

مفتاح شعيب

تستمر انتفاضة الغضب الفلسطينية، والتظاهرات الدولية المناصرة للقدس الشريف لأسبوعها الثاني، مدعومة بالمزيد من التضامن والمواقف الرسمية والشعبية؛ من أجل إسقاط القرار الأمريكي الظالم حول الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لـ «إسرائيل». ورغم رهان كيان الاحتلال وحلفائه على أن هذه الغضبة الجماهيرية ستكون مجرد ردة فعل مؤقتة، إلا أن المؤشرات توحي بتصعيد كبير في فلسطين والمنطقة وفي المحافل الدولية المختلفة.
في ثاني جمعات الصدام في فلسطين المحتلة، ارتكبت قوات الاحتلال جريمتين ستكونان علامتين على صلف المعتدي، الأولى تمثلت في استشهاد الشاب محمد أمين عقل قرب الخليل؛ حيث نقلت الكاميرات الإخبارية مشهد إطلاق الرصاص عليه وتعمد قتله، والثانية في استشهاد الشاب إبراهيم أبو ثريا، الذي فقد ساقيه جرّاء غارة في عدوان عام 2008، ولم تمنع إعاقته، القناصَ «الإسرائيلي» من استهدافه عمداً، وهو يحاول غرس العلم الفلسطيني على السياج الفاصل شرقي مخيم الشجاعية في القطاع.
الجريمتان تذكران بمشاهد تاريخية ارتكبتها قوات الاحتلال، وأشهرها جريمة استشهاد الطفل محمد الدرة عام 2000، والطفلة الشهيدة إيمان حجو في مخيم خان يونس عام 2001. وقد مثلت تلك الجرائم شرارة لاستعار الانتفاضة، وملاحقة الاحتلال على جرائمه. ومهما حاولت «إسرائيل» الإفلات من القصاص، فلن تنجو إلى الأبد، وستدفع الثمن الذي يجب أن تدفعه.
الجانب الأمريكي، الداعم والراعي للاحتلال، لا يريد أن يسمع صوت العالم الرافض للقرارات الجائرة، وبعد خطوته المتطرفة باعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة
لـ «إسرائيل»، ها هو البيت الأبيض ينطلق من العام إلى الخاص في شأن تطبيق قراره وتهويد القدس، فقد أكد أحد المسؤولين المقربين من ترامب أن حائط البراق هو «جزء من إسرائيل»، ويجب أن يكون كذلك، في استفزاز غير مبرر وتنقصه الحكمة. وهذا التصريح غير موفق بالمرة، ويأتي ليصب مزيداً من الزيت على النار، كما يؤكد أن الإدارة الأمريكية ليست في وارد التعقل والتخلي عن هذه النظرة العمياء للأوضاع في فلسطين المحتلة. وكأن في الأمر إصراراً على صناعة التوتر، ومده بوقود التوسع والاستمرارية عبر العالمين العربي والإسلامي، فضلاً عن فلسطين المحتلة. وحين تتحدث إدارة ترامب عن حائط البراق، فقد اقتربت أكثر إلى المنطقة شديدة الحساسية، وهي المسجد الأقصى، فمنذ احتلاله، تحاول «إسرائيل» مصادرته وهدمه، وفي ظل التصريح الأمريكي وعمليات التدنيس التي ينفذها المتطرفون اليهود، قد يصبح الخطر قائماً بين عشية وضحاها إذا لم يكن هناك ردع فعلي يوازي حجم العدوان المُبيّت.
في هذه الأثناء، تجري المداولات؛ لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي؛ للتصويت على مشروع قرار بشأن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل»، وفي ضوء المواقف الأمريكية لا يمكن للجلسة أن تنجح وللتصويت أن يمر، فمن اتخذ قرار الاعتراف واقترب بسياسته من حائط البراق، لا يمكن أن يجيز قراراً أممياً، وهو الذي أشهر «الفيتو»؛ حماية للاحتلال في قضايا أقل شأناً من هذه.
كل المؤشرات تقول إن معركة إسقاط القرار الأمريكي ستكون طويلة وشاقة، وستنتهي بهزيمة سياسة مدوية للولايات المتحدة وحليفتها «إسرائيل»، فالعالم لن يقبل بهذه المظلمة، والباقي سيكون على الشعب الفلسطيني، الذي لا تنقصه القدرة على المواجهة والصمود، فمن قدم الآلاف من الشهداء في المعارك السابقة، بإمكانه أن يضاعف التضحية؛ كرامة لفلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك، حتى تبقى تلك البقاع طاهرة لا يطولها التدنيس من أي كان.

chouaibmeftah@gmial.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى