مقالات عامة

البيانات الشخصية والخصوصية

كارا ألايمو *

تود شركة «تارجت» العملاقة الحصول على كل معلوماتنا وبياناتنا قبل الجميع، حتى الأشد خصوصية مثل نوع الجنين الذي لم يولد بعد ولا يزال في بطن أمه، حيث أنها استثمرت أموالاً طائلة في الأبحاث التي تؤدي إلى حصولها على المعلومات الأولية للنساء الحوامل، استناداً إلى سلوكهن في التسوق، ومن ثم تقوم بتخصيص إعلانات تتناسب مع احتياجاتهن من المنتجات الخاصة بالمواليد الجدد.
دائما ما تحصل تلك الشركات العملاقة على بياناتنا ومعلوماتنا الخاصة استنادا إلى ما نقدمه نحن من معلومات على المواقع الإلكترونية، وقائمة الأصدقاء المضافين على مواقع التواصل الاجتماعي وتحليل الروابط الكثيرة لمواقعنا وحساباتنا لتحديد الخصائص الشخصية وبالتالي إعداد إعلانات مخصصة تتناسب مع الشخصية التي تم تحليلها أو توقع أحداث مهمة ستحدث في حياة الشخص المستهدف.
ويرى الكثير من الناس أن تلك الأنشطة التي تقوم بها الشركات ما هي إلا تعدٍ سافر على الخصوصية الشخصية، حيث تقوم الشركات بجمع البيانات الخاصة بمستخدمي خدماتها واستخدامها في العديد من الأغراض التي تخص علاقاتنا الشخصية وتاريخنا الطبي، واستغلال تلك البيانات في سبيل تحقيق أغراض تجارية. وإضافة إلى ذلك، تقوم بعض المواقع الأخرى مثل فيسبوك وغيرها بتجميع المعلومات الخاصة بميلنا السياسي بما يضمن إحداث تشققات كبيرة في المجتمعات، استناداً إلى الصفحات التي يقوم الفرد بمتابعتها أو الإعجاب بها، وهو ما يقودها إلى توجيه المستخدمين ضمنيا إلى المزيد من الصفحات السياسية التي تتوافق مع استراتيجياتها الغامضة.
بدأت أوروبا مؤخرا في الانتباه لتلك المشكلة، وقررت فرض قوانين خاصة تنظم هذه الأنشطة، والتي تضمن أولا موافقة المستخدم على استخدام بياناته الشخصية الخاصة في أنشطة أخرى والحق أيضا في رفض استغلالها، وهو القانون الذي واجه حملة شرسة جدا من قطاع الإعلانات الرقمية في أوروبا، والذين قالوا إن مثل تلك القوانين ستقلل العائدات التي تتلقاها وسائل الإعلام الرقمية، وأشار خبراء إلى أنه سيتوجب على المواقع الإلكترونية توفير محتوى أكثر قيمة لتشجيع المستخدمين على السماح لهم باستخدام بياناتهم الخاصة ضمن أطر محددة.
أما هنا في الولايات المتحدة، فإن مصالح شركات ومنصات الإعلانات الرقمية تتكامل مع بعضها البعض، حيث يمكن لشركة تمتلك كماً من المعلومات السماح لجهات أخرى باستخدامها وتخصيص إعلاناتهم وتوجيهها إلى شريحة معينة من المستخدمين استنادا إلى التحليلات الفردية التي تقوم بها شركات متخصصة. يجب على أمريكا اتخاذ وتبني قوانين مشابهة تحمي البيانات الشخصية للمستخدمين من الاستغلال بواسطة تلك الشركات وتنظيمها بطريقة فعالة مثلما تعتزم أوروبا القيام بذلك.

* بلومبيرج

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى