الجنة تحت قدمها
يوسف أبولوز
روح ثقافية أولاً ما تحدثت به سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة، وتكريم فكري من جانب سموها لما اسمته « قلب المجتمع الذي إذا صح تعافى ىسائر الجسد ونهض..»، والمرأة قلب وعقل أيضاً.. عقل تشاركي مع عقل الرجل نحو بناء الدول والحضارات والثقافات.
بهدوء وإصغاء عميق نقرأ الجمل الثقافية الفكرية العلمية والعملية في كلمة سمو الشيخة جواهر من ناحية العودة إلى التاريخ، ومن ناحية الثقة بالمرأة ومجهودها الإنساني الاجتماعي العظيم في الإمارات.. قالت سموها بذاكرة إماراتية أصيلة.. « لم تكن الإماراتية في مراحل تطور البلاد بمعزل عن القطاع الاقتصادي، فمشاركتها فيه بدأت منذ ما قبل ظهور النفط..». أشارت إلى استقلالية المرأة المهنية والمادية وعدم السماح لأي فرد أو جهة سلبها حق اتخاذ قرار عملها وكينونتها المبدعة، وعرفنا من خلال الكلمة أن 70 في المئة من طلبة الجامعات في الإمارات إناث، والمرأة « رأس مال ثمين يساوي الارتقاء به صناعة مستقبل بلدان وأجيال بأكملها..».
تحدثت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في تظاهرة اقتصادية عمقها ثقافي أمام نخب مصغية ولها خبرات ومختبرات عمل في حقل المرأة ومنتجها الاقتصادي.. قالت بوضوح وثقة والإمارات في ظلال عيدها الوطني الرابع والستين.. « خلال العقود الأربعة الماضية خاضت الإماراتية تجربة رائدة مجتمعياً واقتصادياً، تجسدت في حجم الأعمال الكبرى التي تتولى إدارتها، وفي نسبة إسهامها في الناتج المحلي..».
تظاهرة من هذا النوع تتصل بالمرأة هي الأولى في الإمارات وفي الوطن العربي.. تؤكد في أوراق العمل على شخصية المرأة المبدعة الإنتاجية.. الشريك في التنمية والاقتصاد والأعمال، وتحترم حقها في المساواة، وتقول للعالم إن الإمارات دولة مؤسسات تشاركية أولاً بين طاقة المرأة، وطاقة الرجل بين عقل المرأة وعقل الرجل.
الجانب الاقتصادي المهني في هذه التظاهرة العالمية في الشارقة أدرى به أهل الاقتصاد والأعمال، ولكن من زاوية القراءة الثقافية والاجتماعية.. فالمرأة الإماراتية صفة ثانية للتاريخ والجغرافية.. بل المرأة الإماراتية تاريخ واسم وعمل وبطولة.. منذ ما قبل النفط.. وحتى اليوم.
عرفت المرأة الإماراتية الغوص على اللؤلؤ، وعرفت قص الأثر، وكانت مطوعة تعلم القراءة والكتابة، وصبرت طويلاً على المسافرين الغائبين في البحر، وحملت السلاح وحاربت أعداء بلادها، دائما كريمة نفس وكريمة عطاء وقبل النفط كانت هي الفنار والضوء والظل، والحارسة والراوية والحامية والممرضة، والمطمئنة على أهلها وجيرانها، والمزارعة والساقية والعافية.. وبعد النفط.. اليوم.. المحترمة في عملها.. الإعلامية الهادئة النظيفة، الإدارية الذكية، المدرسة الأمينة، العسكرية الشجاعة، الشاعرة الشابة في دمها الشاب، الكاتبة الحقيقية في اسمها الحقيقي.
روح المرأة الإماراتية ثقافي، وتربوي، واجتماعي.. أولاً هي عاملة، ومنتجة، ومدبرة، وثانياً هي البيت والعائلة والوطن.. وثالثاً: «قلب مجتمع».
ترتقي المرأة بالرجل، وقبل ذلك ترتقي بنفسها، والمرأة فعل إنتاجي اقتصادي ثقافي وهي استقلالية وكينونة وخبرات ومعارف، والمرأة تعاون ومشاركة وانتاجية ورأي وفكر.
المرأة مكمل: ومعادل، ومعاضد،… كما هي كانت صانعة الماضي، هي أيضاً صانعة المستقبل.. شريك، وإنسان، وأسطورة ومعتقدات.. و«.. الجنة تحت أقدام الأمهات..».