مقالات عامة

الحب وحده لا يكفي

مارلين سلوم

أغنية للشهيد، وأخرى لأم الشهيد، وثالثة للبطل، ورابعة للانتخابات، وخامسة لمصر.. تكثر المناسبات، وتكثر الأغنيات المصاحبة لها كنوع من التعبير عن موقف وعن حب الوطن، لكن هل هذا الحب يكفي؟ وهل هذه الأحوال التي يمر بها الوطن يليق بها أن يقف الفن عند حدود الرسائل العاطفية بكلمات شاعرية وألحان وفيديو كليب؟
«الحب مش كفاية»، هذه الكلمات التي رد بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الفنان محمد فؤاد خلال فعاليات الندوة التثقيفية ال27 للقوات المسلحة، إنما يقصد بها كل أهل الفن في مصر، والمجسدين في الندوة بمحمد فؤاد، الذي أدى أغنية في تلك المناسبة. لا شك أن كلمة السيسي كانت غير متوقعة، وجاءت صادمة للجميع؛ لكنها صائبة وفي مكانها الصحيح؛ إذ لطالما رددها الناس، متسائلين عن دور الفنان في مجتمعه ووطنه، ومن يؤدي واجبه في هذا الزمن، ومن يكتفي بالظهور على الشاشة وإبداء التأييد أو الاستنكار وما شابه؟
لا نفهم لماذا ينأى الفنان عموماً بنفسه عن الكثير من القضايا المهمة والمصيرية، ويكمل خط سيره «الفني» ضمن إطار مصلحته الشخصية، حاصراً نفسه ضمن العقود، التي يوقعها و«الملايين» وأعداد المعجبين والمتابعين والمنافسين.. ونستغرب أن يكون أقصى درجات تفاعل أهل الغناء تحديداً تقديم أغنية جديدة!
ليس مقبولاً أن يسأل الفنان «وما المطلوب مني؟» أو «قولوا لي ماذا أفعل؟».. فهل يسأل كل مواطن وطنه بماذا يفديه، وينتظر التعليمات ليضحي ويكافح ويكون حائط سد بشرياً في وجه أي عدو وأي محاولات لهزيمة اقتصادية وسياحية وسياسية؟
الفنان اختار أن يكون شخصية عامة، وعليه أن يتحمل مسؤولية وجوده في الواجهة حاملاً اسم بلده، وعيون المعجبين والإعلاميين والشاشات مسلطة عليه. أفلا يستغل هذه النجومية ليكون خير مثال لابن البلد الأصيل؟ هناك من يتهرب من الخدمة العسكرية، وآخر يتهرب من الضرائب، وفنان لا يضحي بقرش من أجره لدعم الإنتاج، وهناك من يؤذي بلده بنكتة «غبية»، ومن يتحالف مع «الإخوان» ويناشد بعودتهم..
الحب وحده لا يكفي، والمشاعر مهما كانت نبيلة ومخلصة لا تبني الأوطان، ولا تدعم دولة. صحيح أن الأغنية مهمة؛ لشحذ الهمم والتأثير العاطفي أحياناً؛ لكن الاتكاء عليها وكأنها قمة التضحية، وقمة الدعم الذي يمكن أن يقدمه الفنان، لا يجوز وغير مقنع؛ بل هو دليل تراجع في العلاقة بين أهل الفن ومجتمعاتهم، وبينهم وبين الواجب الوطني والإنساني.

marlynsalloum@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى