الحق في النشر هو النشر
مريم البلوشي
قيل يوماً: كي تثبت حقك في النشر، عليك أن تنشر، مقتبس من فيلم «the post» الذي كان مركزاً على حق الصحافة الحرة في النشر، وأن تكون لها موازينها الخاصة.
واليوم نسمع قادتنا بدءاً من صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يصرون على أهمية دور الصحافة في نقل الحقائق وتحقيق ما يتمناه القارئ والشعب، في أن تكون الصحافة حلقة الوصل بين ما يريده الناس وما يتحقق.
النشر هو أداة، والكاتب أداة، وكل ما يرتبط بهما أدوات تنتقل من مرحلة التفكير، والتفريغ، التنقيح، والنشر، إلى عقل آخر يستقبل ويحكّم رأيه، لم يعد لمن كتب أولاً الحق في التراجع أو رفض ما كتب، كلنا مسؤولون عما يكتب، لكنه ما أن يفلت وينشر فهو حق عام، فكان الحذر مطلوباً وكان واجباً على كل امرئ أن يكون مدركاً لما سيمثله غداً. فالكاتب ترجمة لصدقية ترسخت في داخله بثوابت ومتغيرات، لا يمكن أن نقيده في قالب معين أو نجعله مقيداً بشخصيات أو أفكار أو مواقف كتبها في وقت ما، ليس هناك شخص ثابت حتى فيما يفكر، بل يتحاور مع نفسه ويعيد حوارها مراراً وتكراراً، بما يناسبها، حتى تنتقل إلى مراحل أعمق في تاريخ ذاتها وكينونتها، حتى تصبح حالة متفردة، فيها التعب والمخاض، وفيها فرحة الاستسلام للروح التي تكتب.
يبقى القلم، ويبقى الكاتب، والنشر، مفاتيح حضارية تجعلنا ندرك، ومع انطلاق مهرجانات أدبية في الدولة، كيف أننا نريد أن يقرأ الجميع، نريد للكاتب الحقيقي أن يكتب، ونريد للأفكار أن تتحرر على الورق؛ ويبقى السؤال: ما المنهجية التي ترسخت إلى اليوم، ليولد جيل حقيقي من الكتاب، وما الجديد الذي ستقدمه دور النشر، والصحافة، إلى كل من له صلة من قريب أو بعيد بالنشر والكتابة؟ نريد أن يتكرر عام القراءة في شهر القراءة القادم، وأن يفعّل قانون القراءة، وأن تكون المبادرات في الاستراتيجيات حقيقية ومستمرة حتى لا تنسى. نريد للشعب أن يبقى يقرأ ويقرأ ويقرأ، ليكون في مصافّ الدول الكبرى، فلا تقدم دون فكر نيّر واعٍ.
لا يزال من ينشر يسأل نفسه، هل أنا أهلٌ للنشر؟ هل ما ينشر يستحق؟ كم من كاتب كتب دون قيد فكري، كان صاحب إسقاطات حقيقية لما يعيشه هو ومجتمعه ومحيطه، كتب بصدق ودون خوف أو تكلف، بصراحة أو رمزية ودون أن يدرك، صار اليوم حقيقة وذا أثر عالٍ.
لا تخف مما تكتب، بل خف من نفسك إن جعلتك تتردد، كن مجازفاً حتى وأنت تفكر، واكتب كل يوم، ولنتابع كلنا ما يحدث في مؤسساتنا عن مبادرات القراءة، نريدها حقيقية، نريدها واقعاً ينقلنا من مكان إلى آخر. لنستمر وليستمر النشر.
Mar_alblooshi@hotmail.com