مقالات عامة

الحكمة تلبي القدس

عزة سليمان

بين ملاحظاتي التي دونتها خلال حضوري «مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس» الذي انعقد قبل أيام في القاهرة، علقت في بالي فكرة لا تغادرني. فكّرت في الأثر الذي تركه المؤتمر في قضية القدس بهذه المرحلة الحرجة من عمر القضية الفلسطينية، خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة. وسرعان ما جاءت الإجابة في ما تضمنته الجلسات، وأن القدس كانت في أمسّ الحاجة لأن ننصت لمعاناتها بأذن صاغية تتقن الحكمة، ولكن هذه المرة الإنصات كان عالمياً إسلاميا عربياً، وحتى الرد كان أكبر من أي وقت مضى على قرار القدس حيث إن 86 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، شاركت بالحدث.
الفكرة هي أن صوت الحكمة لبّى القدس في أزمتها.. صوت كانت القضية في أمسّ الحاجة إليه وسط ضوضاء الأحداث التي تعصف بالمنطقة، والعالم. فالدول المشاركة بصوت واحد في البيان الختامي قالت: «إن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة، وإنها ليست فقط مجرد أرض محتلة، أو قضية وطنية فلسطينية، أو قضية قومية عربية، بل هي حرم إسلامي مسيحي مقدس»، صوت يعلو على القرار الأمريكي.
لم يقل أحد أن تتوقف الدبلوماسية، أو الجهود الدولية، ولكن المؤتمر كان حاجة ملحّة، وغير تقليدية في التعاطي مع القضية، فحتى البيان الختامي للمؤتمر لم يكتف بتسجيل الموقف السابق، بل ربط صوت العقل بضرورة التحرك السريع لوقف تنفيذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس الشرقية، وهو ما وصف خطره شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بأنه سيغذي التطرف العنيف إذا لم يتم التراجع عنه فوراً.
هي عبارات وكلمات دونتها من جلسات عدة على مدار يومين، أظهرت لي أن من الضروري أن ننصت لصوت الحكمة، لأنها لغة عالمية يفهمها الجميع، ولا تحتاج إلى ترجمة، وهي بليغة لدرجة أن الإعلام الدولي وجد نفسه مستمعاً رغم وجود أصوات كثيرة مكرسة لعكس ذلك.
حضوري كممثلة للمجلس الوطني الاتحادي كان في إطار الدبلوماسية البرلمانية التي سجلت علامة فارقة في التعاطي مع القضايا المختلفة، والتأثير في الآخر، وهذه المرة كان لنا شرف أن يكون ذلك لأجل القدس، وهو امتداد لرؤية قيادتنا التي تجسدت في كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي قال: «إن الإمارات ترفض تهديد هوية القدس وتاريخها وعروبتها… وإن المساس بالقدس هو مساس باستقرار المنطقة وتمكين لخطاب متطرف جديد».
خطوة حاسمة في معركة التصدي لتهديد قضية القدس تسجّل للأزهر الشريف، ومجلس حكماء المسلمين، الذين استطاعوا إيصال صوت الحكمة ليكون أعلى من صوت القرار الأمريكي، والضوضاء الإعلامي. خطوة استراتيجية تحتاج من العقلاء حول العالم البناء عليها.

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى