الخيار متروك لك
شيماء المرزوقي
تبقى تجارب المبدعين والحكماء والقادة والمربين، ونحوهم، على درجة عالية من الأهمية والحيوية، بل إن البعض من ردات فعلهم أو تصرفاتهم في الأوقات العصيبة أو منجزاتهم وما عرفوا به أو حتى مقولاتهم، تعتبر دروساً ثمينة، فهي نتاج لتفوقهم وإبداعهم، ودراستها مهمة لكل من يريد التعلم من الواقع. والواقع مدرسة عظيمة، من خلالها ظهرت الكثير من القيم وتعلم الإنسان الكثير من الجوانب الحياتية العميقة والمفيدة التي دفعت بالبشرية نحو المزيد من الإنجاز والتفوق.
من هؤلاء المؤلف الإنجليزي الراحل دينيس ييتس ويتلي الذي نشر روايات خيالية وغامضة، وكان واحداً من أكثر المؤلفين مبيعاً في العالم خلال الحقبة الزمنية من 1930 إلى 1960. هذا المبدع له كلمة جميلة وبليغة، أعتقد أنها تستحق التعليم والتدريس، وفضلاً عن مضمونها القيّم، فإنها مختصرة وقليلة الكلمات، مع ما تحمله من معانٍ واسعة. جاء في هذه الكلمة التالي: «أمامك اختياران في الحياة: أن تقبل الظروف كما هي أو أن تقبل مسؤولية تغيير هذه الظروف».
هذه الكلمات تقودنا نحو حقيقة لا مناص ولا مهرب منها ولا عنها، هي طبيعة الظروف التي تحيط بنا جميعنا دون استثناء.. هذه الظروف التي تنبع في البعض من الأحيان من لا شيء، وتصبح مهيمنة على تفكيرنا ويومنا، والبعض من تلك الظروف يكون قاسياً ووقعه مؤلماً، بل هناك ظروف تسبب الانهيار وقد يخسر الإنسان بسببها، ومع كل هذا فإن مواجهتها والتعامل معها خيار مطروح لكل نبيه وذكي، وهذه المواجهة جزء من المسؤولية التي نضطلع بها في الحياة. تجنب تلك الظروف أو محاولة إلقائها على الآخرين، لا يحل مشكلة ولا يعفيك عن المسؤولية، لا خيار أمامك إلا الخضوع لتلك الظروف لتتحكم بحياتك وتصبح مهيمنة على تفكيرك ووقتك، وإما أن تكون لك ردة فعل قوية وثابتة وتبدأ في العمل على تغيير تلك الظروف ومعالجتها.
الموضوع واضح لا لبس فيه، الظروف حتمية الوقوع لكل واحد منا، وأمامك خيار الاستسلام لها كما هي بحلوها ومرها كما يقال، وأن تسمح لها بالتأثير على تفكيرك وواقعك، وهو تأثير دون شك سيكون سلبياً، بل قد يعطلك ويؤخر تحقيق أهدافك وتطلعاتك، هذا إن لم يتسبب في خسارتك، والأهم أن هناك خيار المواجهة والعلاج والتصدي لها.. الخيار متروك لك.