الرقابة الإلكترونية على المجتمعات
كاثي أونيل *
خلال إحدى الفعاليات التي نظمتها حركة #MeToo الداعية للديموقراطية، سألني العديد من الزملاء العديد من الأسئلة التي تنتظر جميعها إجابة واحدة، وتمحورت حول كيفية المحافظة على الديموقراطية في الوقت الذي تقوم فيه الحكومات وشركات التكنولوجيا الكبرى بجمع المزيد من البيانات عن كل ما يفعله الناس أو يقومون به، و قد بدأ الكوريون يشعرون بالقلق مؤخراً من حالة المراقبة التي يخضعون لها، ومما لا شك فيه أنهم محقون تماماً في ذلك، فإذا لم يعترف الناس بالخطر الذي يحيق بهم، فقد لا يتمكنون في النهاية من إبداء آرائهم بحرية.
وبحكم القرب الجغرافي من الصين، فإنهم يتابعون عن كثب الجهود التي تبذلها السلطات هناك للحصول على أكبر كم ممكن من بيانات المواطنين لوضعهم تحت رقابة لصيقة، بهدف السيطرة الاجتماعية، حيث تنتشر فيها كاميرات المراقبة بكثافة، وهي الكاميرات التي تعمل بأنظمة ذكاء اصطناعي تستطيع التعرف إلى الوجوه، وبالتالي فإن الفرد فيها تكون جميع تحركاته وسكناته مراقبة تماماً.
هذا الأمر يمثل بما لا يدع مجالاً للشك تهديداً خطيراً، فالحكومة مثلاً لن تتمكن من تطبيق هذه الرقابة ما لم تحصل على المزيد من البيانات التي تعتبر المدخل الأساسي في هذه العملية، حيث إن استباحة البيانات الشخصية الخاصة بالمواطنين أصبح معتاداً ولا يشكل أي مفاجأة بالنسبة للصينيين، وهو ما لا يريد مواطنو أي دولة أخرى في العالم أن يشهدوه، خاصة كوريا الجنوبية التي تحاول تفادي التأثيرات السلبية لذلك الأمر قدر استطاعتها، وفي ذات الوقت الحصول على أكبر كم من البيانات بدون المساس بخصوصية مواطنيها.
بدأ هذا النهج الصيني الخانق في الانتشار إلى أقطار أخرى، فقد ذكرت تقارير إعلامية أن فنزويلا تدرس حالياً أنظمة تم تطويرها في الصين لتصنيف الأفراد على نظام اجتماعي محدد، والهدف منه تحديد المعارضين الحكوميين أو من ترى فيهم السلطة تهديداً لوجودها، وليس لأغراض تحسين أو تطوير الخدمات وغير ذلك.
وفي الوقت الذي أصبحت فيه التكنولوجيا والبيانات أقوى الأسلحة الموجودة حالياً، والتي يمكن للدول أن تستخدمها ضد بعضها، فإن الوضع ينذر بالخطر، فالدول التي تراقب بيانات مواطنيها بصرامة شديدة، يمكنها الاستفادة من التحديثات المستمرة في الأنظمة لضرب النسيج الاجتماعي في دول أخرى، أو استهداف قطاعاتها الاقتصادية أو السياسية بشكل أو بآخر، مثلما فعلت روسيا التي قيل إنها تدخلت في الانتخابات الأمريكية وأثرت في نتائجها، وبالتالي فإن الخطر لن يقتصر على الداخل، بل على الخارج أيضاً.
* بلومبيرج