الشعوب بين السعادة والشقاء
عبدالله السعدون
المملكة تقدمت مرتبة واحدة في العام 2022 مقارنة بالعام 2021، لكنها قفزت قرابة الأربعين مركزاً ضمن أسعد شعوب العالم بين عامي 2017 و2022. وذلك بفضل ما قامت به الحكومة من إصلاحات، يقودها ولي العهد بعد أن أطلقت رؤية 2030 وبرامجها المتعددة ومنها برنامج جودة الحياة، ومكافحة الفساد وتمكين المرأة..
رغم الشتاء البارد الطويل، والمصادر الطبيعية المحدودة، تتربع فنلندا وحسب مؤشر السعادة العالمي على قمة ترتيب السعادة من بين دول العالم، وللعام الخامس على التوالي، تليها الدانمارك ثم آيسلندا التي أزاحت سويسرا عن المركز الثالث إلى الرابع، وفي المركز الخامس هولندا. وعادة تستأثر الدول الاسكندنافية بأعلى درجات ترتيب السعادة التي تعتمد على متوسط الحياة الصحية المتوقع، والناتج المحلي الإجمالي للفرد، والدعم الاجتماعي في أوقات الاضطرابات، والفساد المتدني، والثقة الاجتماعية المرتفعة، والحرية في اتخاذ قرارات الحياة الرئيسية.
أما على مستوى الدول العربية فقد احتلت البحرين المركز الأول عربياً، والمركز الواحد والعشرين عالمياً، متقدمة من المركز الثالث عربياً العام الماضي. وقد جاءت الإمارات في المركز الثاني عربياً، وفي المرتبة 24 عالمياً. وجاءت السعودية في المركز الثالث عربياً و25 عالمياً.
أما الدول التي في ذيل القائمة من حيث مؤشر السعادة بين الدول العربية فهي لبنان التي احتلت ذيل القائمة، ليس على مستوى الدول العربية لكن على مستوى العالم، ولم يأتِ قبلها سوى دول مثل أفغانستان. كما احتلت سوريا والعراق واليمن مراتب متأخرة أيضاً.
والهدف من مؤشر السعادة العالمي الذي اعتمدته هيئة الأمم المتحدة هو قياس مستوى السعادة لكل دولة من قبل شبكة حلول للتنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، والذي يعتمد على بيانات المسح العالمية للأشخاص لحوالي 150 دولة، ويساهم معهد “غالوب” على التقييم من خلال طرح أسئلة للسكان عن نظرتهم لمستوى سعادتهم، مع مقارنة النتائج بإجمالي الناتج المحلي في البلاد، وتقويمات أخرى تتعلق بمستوى التضامن والحرية الفردية والفساد لإعطاء علامة إجمالية لكل بلد، والهدف منه تحفيز الدول على إسعاد شعوبها، وجعل الفئات الأقل دخلاً وذوي الإعاقة وكبار السن في أعلى سلم أولوياتها، وإيجاد توازن بين التنمية المستدامة والرفاهية الاجتماعية، والبيئة التي يجب أن تكون حاضرة في كل خطط التنمية
مؤشر السعادة مهم ويحتفل به سنوياً في شهر مارس من كل عام، ومما سبق نستنتج الحقائق الآتية:
أولاً. المملكة تقدمت مرتبة واحدة في العام 2022 مقارنة بالعام 2021، لكنها قفزت قرابة الأربعين مركزاً ضمن أسعد شعوب العالم، بين عامي 2017 و2022. وذلك بفضل ما قامت به الحكومة من إصلاحات، يقودها ولي العهد بعد أن أطلقت رؤية 2030 وبرامجها المتعددة ومنها برنامج جودة الحياة، ومكافحة الفساد وتمكين المرأة. ولولا تعارض بعض المحددات التي يقيسها تقرير الأمم المتحدة مع الدين والعادات الاجتماعية وثقافة المجتمع لتقدمت المملكة أكثر في التقييم.
ثانياً. يتضح من تقرير السعادة لعام 2022 مدى تأثير كل من المملكة وإيران على مستوى السعادة بين دول المنطقة وشعوبها التي ترتبط اقتصادياً واجتماعياً بين كل منهما، فبينما احتلت البحرين التي خرجت منتصرة مما يسمى بالربيع العربي بفضل حكمة وبعد نظر حكومتها، ودعم المملكة لها المركز الأول، بينما احتلت لبنان التي يسيطر عليها حزب الله الإيراني المركز الأخير، وليس ببعيد عنها كل من سوريا واليمن والعراق.
ثالثاً. تربعت فنلندا على قائمة أكثر الشعوب سعادة، وهذا يقودنا إلى البحث عن أهم الأسباب التي جعلت من هذه الدولة التي كان اقتصادها يعتمد على قطع الأخشاب وتصنيعها تحظى بهذا التصنيف. ولا أجد سبباً تنفرد به غير جودة تعليمها الذي يضعها في المركز الأول على مستوى العالم. وسبب جودة تعليمها كما تشير الدراسات هو جودة معلميها، وما يتمتعون به من تقدير على مستوى الحكومة والشعب. وهذا التقدير المعنوي هو الذي جعل الكثير من الكفاءات تتقدم لهذه الرسالة السامية، حيث يتم اختيار اثنين فقط من بين كل عشرة يتقدمون لوظيفة التعليم. ولديهم برامج في المرحلة الجامعية وما بعدها لتأهيلهم، إضافة إلى جودة المقررات التي تبتعد عن الحشو والحفظ إلى التركز على بناء وتأهيل الطالب علمياً وسلوكاً ومهنياً. أما السبب الثاني لسعادة الشعب الفنلندي فهو الصحة وما يتمتع به سكانها من تأمين طبي شامل ورعاية خاصة لذوي الإعاقة وكبار السن.
فيما تقدم يتضح الفرق بين من يرتبط مع المملكة بعلاقات وثيقة في مختلف المجالات، ومن تدخلت إيران في شؤونه. والحمد لله أن المملكة تسير قدماً في مشاريعها للاهتمام بالإنسان وإسعاده لتحقيق جودة الحياة، وهذا هو ما يتضح من التقدم المستمر في ترتيبها العالمي عاماً بعد عام.
نقلاً عن “الرياض“