غير مصنفة

الصعوبات الاقتصادية تحرك تظاهرات إيران

باتريك كوكبيرن*

تشهد إيران حالياً مظاهرات احتجاج ضد الحكومة هي الأكبر والأوسع انتشاراً منذ مظاهرات 2009 (احتجاجاً على ما وصف في حينه بأنه تزوير انتخابي)
لا تزال هذه المظاهرات تكتسب متواصلة، في حين أعلنت السلطات عن مقتل حوالي 15 شخصاً، علماً بأن ظروف مقتلهم لم تتضح.
والدافع وراء مظاهرات الاحتجاج الشعبية هذه هو اقتصادي في المقام الأول، ولكن المتظاهرين يرددون أيضاً الكثير من الشعارات السياسية ضد الحكم. وبعض الشعارات هاجم مباشرة حكم رجال الدين في إيران.
والمظاهرات بدأت يوم 28 ديسمبر/‏ كانون الأول في مدينة مشهد، ثاني كبرى المدن والتي تعتبر تقليدياً معقلاً لرجال الدين المتشددين، مع مسيرة احتجاج ضد ارتفاع غلاء المعيشة. ومن الممكن أن يكون المحافظون هم الذين حركوا هذه المظاهرات أو تساهلوا تجاهها، كوسيلة لتقويض سلطة الرئيس حسن روحاني، الذي يعتبر معتدلاً سياسياً. وحتى إذا تأكد دور المحافظين في إطلاق هذه المظاهرات، أو تساهلوا تجاهها، إلاّ أن المظاهرات سرعان ما خرجت عن سيطرة المحافظين وأخذت تنتشر في كل مكان عبر البلاد. وهذا أيضاً يمكن أن يكون مؤشراً على أن مجموعات معارضة للحكومة هي التي حركت سراً هذه المظاهرات.
وفي العام الماضي، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد بدعم أي مقاومة داخلية للحكم في إيران، ولو أن ذلك لا يعني بالضرورة أن إدارته كان لها أي دور في المظاهرات الحالية، على الأقل حتى الآن. وقد اتهم ترامب في إحدى تغريداته قادة إيران، بأنهم حولوا بلدهم إلى «دولة مارقة مستنزفة اقتصادياً، دولة صادراتها الرئيسية هي العنف، والفوضى، وإراقة الدماء».
وقد استغل النظام الإيراني تصريحات غربية عدائية تجاه إيران، مثل تغريدات ترامب، لوصم وتشويه سمعة المتظاهرين باعتبارهم بيادق تحركهم قوى أجنبية.
وإيران كانت منقسمة سياسياً منذ سقوط الشاه، ولكن السبب الآني لمظاهرات واحتجاجات الأيام الماضية، هو استياء اقتصادي واجتماعي. ومن جوانب عديدة، تستهدف تظلمات المتظاهرين الفساد الحكومي والتفاوت الاقتصادي الذي جعل الطبقات الفقيرة مسحوقة. وفي العام الماضي، بلغت نسبة البطالة بين الشبان 28.8%. والاتفاق النووي الذي عقدته إيران مع القوى الكبرى في 2015 خفف العقوبات الدولية المفروضة على إيران، ولكنه لم يثمر المنافع التي توقعها كثيرون من الإيرانيين. وميزانية الدولة التي أعلنت في ديسمبر/‏ كانون الأول تضمنت رفع أسعار الوقود بنسبة 50%، في حين أن أسعار مواد غذائية مثل البيض ولحوم الدواجن ارتفعت بنسبة 40%.
ومن السابق للأوان توقع إلى أي مدى تشكل هذه المظاهرات تهديداً للحكم وللاستقرار السياسي في إيران. إذ إن دوافع وحجم المظاهرات تبقى غير واضحة بسبب عدم توفر تقارير ميدانية موثوق بها.
وفي حال حصل قمع دموي للمظاهرات، فإن ذلك يمكن أن يدفع الأوروبيين الغربيين إلى تأييد موقف ترامب المتشدد تجاه إيران، كما يمكن أن يقوض الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى. وهذا بدوره يمكن أن يعزز قوة المتشددين في إيران، الذين سيقولون في هذه الحالة إن الرئيس روحاني تبنى موقفاً مهادناً تجاه الغرب، وإن سياساته الليبرالية في الداخل قد فشلت.

*صحفي وكاتب إيرلندي عمل طويلاً في الشرق الأوسط – موقع «أونز ريفيو»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى