مقالات عامة

الصورة كاملة

هيا خالد الهاجري

عندما ينجح شخص ما ويصبح مشهوراً أو في مرتبه رفيعة من التعليم بشهادة عالية ينالها أو وظيفة مرموقة يحصل عليها ويحقق أهدافه بكل تفاصيلها، ينظر إليه الآخرون ويقولون: كم هو محظوظ هذا الشخص ليتنا نملك هذا الحظ لنصبح مثله ونحقق النجاح كما حققه هو. ويظنون أنه نال ذلك كله بضربة حظ ودون تعب، وأن الطريق كان أمامه سهلاً ممهداً، وأن ظروف حياته وبيئته هي التي ساهمت بذلك، وأن ظروفهم مختلفة عنه وأكثر صعوبة.. إلخ.
وهم بذلك ينظرون إلى جزء من الصورة التي أمامهم، فهم يجهلون ما خلف تلك الأضواء وذلك النجاح، لم يعلموا أن هذا الشخص قد يكون سقط سقطات قوية مادية أو معنوية ولكنه نهض وقام وأكمل المشوار واستمر في تحقيق أهدافه بكل إصرار وطموح ولم يجعلها عذراً لكي يتوقف عن التقدم في الحياة كما يفعل الكثيرون من أول تعّثر لهم في الحياة، وينسبون الفشل الذي هم فيه إلى الآخرين لكي يخلصوا أنفسهم من المسؤولية الذاتية عن حياتهم.
بالنسبة للشخص الناجح الذي يرون منه جزئية النجاح والمتعة فقط، أين هم منه عندما كان في الغربة عن بلاده ليكمل تعليمه، وعندما كان وحيداً ومتعباً في الليالي الباردة هناك، يسهر ليله في المذاكرة وفي صباحه يتلقى تعليمه؟ هل كانوا معه عندما مرض هناك وعانى وحيداً بعيداً عن أفراد أسرته، وهم ينعمون بالدفء والراحة ووسط أسرهم؟ هو كان يسهر في الوقت الذي هم فيه نائمون، ويمشي تحت المطر والبرد في بعض الأيام في الشتاء القاسي، بينما هم جالسون ومتكئون على أريكتهم المريحة في غرفة معيشتهم هانئون. هم لم يروا من الصورة إلا بعضها، ولكن الصورة كاملة تحكي قصة نجاح مستمرة تتطلب في بعض الأحيان الخروج من منطقة الراحة لدى الشخص حتى يحقق ما يريد في حياته.
قبل أن تحكم على نجاح أو شهرة شخص عليك رؤية الصورة كاملة وليس جزءاً منها.
haya171@hotmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى