قضايا ودراسات

الصيف في الخارج

مارلين سلوم

ما من شاب وفتاة في سن المراهقة إلا ويحلم بالسفر إلى الخارج، واكتشاف العالم. في هذا الحلم شيء من الرغبة في تحقيق الذات وتحمل المسؤولية بعيداً عن وصاية الأهل، وفيه كثير من الثقة بالنفس، وحب اكتشاف الحياة، والعالم الآخر عن قرب، والمغامرة والتحرك بخطوات غير مألوفة، والجرأة في تحدي الصعاب، ومواجهتها.
ليس بإمكان كل الأهالي تحقيق أحلام أبنائهم، إنما بإمكان الدول المتقدمة أن تفعل ذلك، خصوصاً من خلال مؤسساتها التربوية التي تقوم بالتواصل والتعاقد مع مثيلاتها في الخارج، فترسل مجموعات من أبنائها الطلبة للاستفادة من التواصل المباشر مع ثقافات وعائلات أجنبية.
من يستفيد من هذه البرامج والمشاريع التربوية التثقيفية؟ لا شك في أنها تكون من نصيب الطلبة المتميزين والمتفوقين علمياً و«أخلاقياً»، وهي خطوة يشعر من خلالها الطالب بأنه يجني ثمار اجتهاده في المدرسة، وثمار تربيته الصالحة، وحرصه على احترام الذات والآخرين، وعلى أن يكون نموذجاً جيداً صالحاً، يحتذي به الآخرون، ويتشرف به أهله، ومدرسته أينما حل.
تجربة ابتعاث الشباب ليقضوا صيفهم في الخارج، وإقامتهم في بيوت عائلات أجنبية يتعلمون منها اللغة الانجليزية، وكيفية التأقلم مع عادات وتقاليد الآخرين من دون التخلي عن المخزون الثقافي والتربوي الذي تربى عليه الطالب العربي، أثبتت نجاحها على مر السنين، ومنذ أن أطلق مجلس أبو ظبي للتعليم برنامج «الصيف بالخارج» في عام 2006.
ستة أسابيع تقضيها مجموعة مختارة من طلبة المدارس الحكومية بالعاصمة أبوظبي، من المتفوقين أكاديمياً وسلوكياً، في الصفين العاشر والحادي عشر، حيث يقيم الشبان في بيوت عائلات يتم اختيارها بعناية، وتقيم الفتيات في سكن داخلي منفصل. والاختلاط مع العائلات والمجتمع الغربي، تنمي لدى الطلاب الكثير من المهارات، فهي تدريب حي على ممارسة اللغة، والانفتاح على الآخر، واكتساب الخبرة، والتعلم مما لديهم من أفكار.
يعود الطالب من «الصيف بالخارج» محملاً بمخزون ثري من المعلومات والثقافة، والوعي، والنضج.. يتعلم كيف يتحمل المسؤولية، وكيف يجري حواراً ويتواصل فكرياً مع مختلف الفئات. يخرج من حضن أبويه إلى كنف أسرة غريبة، لا مجال للدلال فيها، أو الاتكال على الآخرين، والتسكع بلا فائدة، وتضييع الوقت من دون استثماره.
هذه المبادرات لا يستفيد منها الطالب العربي فقط، بل هي موجودة في الغرب منذ سنوات بعيدة، وأثبتت نجاحها في تنمية الإحساس بالمسؤولية لدى الشباب، وأصبحت من المعالم المهمة في تبادل الثقافات بين الدول. لذا نتمنى أن تتوفر في مختلف المدارس الحكومية والخاصة، وتتبناها أيضاً كل الدول العربية، كي يكون صيف أبنائنا ثرياً بالمعرفة، والعمل، والخبرة والعلم، والأخلاق.

marlynsalloum@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى